المبحث الخامس في تشبيه التمثيل
تشبيه التمثيل : أبلغ من غيرهن لما في وجهه من التفصيل الذي يحتاج إلى امعان فكر ، وتدقيق نظر ، وهو أعظم أثراً في المعاني : يرفع قدرها ، ويضاعف قواها في تحريك النفوس لها ، فان كان مدحاً كان أوقع ، أو ذمّا كان أوجع ، أو بُرهانا كان أسطع ، ومن ثم يحتاجُ اُلى كدّ الذهن في فهمه ، لاستخراج الصورة المنتزعة من أمور متعدِّدة ، حسية كانت أو غير حسية ، لتكون (وجه الشبه) كقول الشاعر :
ولاحت الشمس تحكي عند مطلعها |
|
مرِآةَ تبر بدت في كفِّ مرتعش |
فمثّل الشمس : حين تطلع حمراء لامعة مضطربة ، بمرآة من ذهب تضطرب في كف ترتعش.
وتشبيه التمثيل نوعان :
الأول : ما كان ظاهر الأداة ، نحو : (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً) فالمشبه : هم الذين حُمّلو التوراة ولم يعقلوا ما بها : والمشبه به (الحمار) الذي يحمل الكتب النافعة ، دون استفادته منها ، والأداة الكاف ، ووجه الشبه الهيئة الحاصلة من التعب في حمل النافع دون فائدة.
الثاني : كا كان خفى الأداة : كقولك للذي يتردّد في الشيء بين أن يفعله ، وألاّ يفعله أراك تقدم رجلا وتُؤخر أخرى ، إذ الأصل : أراك في ترددك مثل من يقدم رجلا مرة ، ثم يؤخّرها مرة أخرى ، فالأداة محذوفة ، ووجه الشبه هيئة الإقدام والاحجام المصحوبين بالشَكَ.