المبحث الثاني
في مجمل مواضع الفصل (١)
أحياناً : تتقاربُ الجُملُ في معناها تقارباً تاما ، حتى تكون الجملة الثانية كانها الجملة الأولى ، وقد تنقطع الصَّلة بينهما. إمَّا : لاختلافهما في الصورة ، كأن تكون إحدى الجملتين إنشائية والأخرى خبرية. وإمّا لتباعد معناهما ، بحيث لا يكون بين المعنيين مُناسبة ، وفي هذه الأحوال يجب الفصلُ في كل موضع من المواضع الخمسة الآتية وهي :
الموضع الأول : كمال الاتصال وهو اتحادُ الجملتين اتحاداً تاماً : وامتزاجاً معنوياً بحيث تُنزَّل الثانية من الأولى منزلةَ نفسها.
أ ـ بأن تكون الجملة الثانية بمنزلة البدل من الجملة الأولى ، نحو : (واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون أمدكم بأنعام وبنين) (٢).
ب ـ أو : بأن تكون الجملة الثانية بيانا لإبهام في الجملة الأولى كقوله تعالى : (فَوَسوسَ إليه الشيطانُ قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد) فجملة قال يا آدم : بيان لما وسوس به الشيطان اليه.
__________________
(١) الفصل : ترك الربط بين الجملتين : إما لأنهما متحدتان صورة ومعنى ، أو بمنزلة المتحدتين : وإما لأنه لا صلة بينهما في الصورة ، أو في المعنى.
(٢) هذا في بدل البعض ـ وأما في بدل الكل : نحو قوله تعالى : (بل قالوا مثل ما قال الأولون ، قالوا أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون) فجملة (قالوا آئذا متنا وكنا تراباً) كالبدل المطابق ، وأما بدل الاشتمال فنحو قوله :
أقول له أرحل لا تقيمن عندنا |
|
وإلا : فكن في السر والجهر مسلماً |
فجملة لا تقيمن بمنزلة البدل في جملة (ارحل) بدل اشتمال لأن بينهما مناسبة بغير الكلية والجزئية.