الإيمان إلى
اتّخاذ العجل معبودا كما صرّح القرآن الكريم ، فهم بخلاف أمّة نبيّنا محمد (ص) من
حيث الذكاء والفطنة وقوّة البرهنة والاستدلال ، لأنهم كانوا يتمكّنون من البرهنة
على وجود الصانع عزوجل بوسائلهم البسيطة الساذجة ـ كالبعرة تدلّ على البعير
وغيرها ـ ويؤمنون بصدق الرّسل والكتب والملائكة بدون آية مخيفة أو برهان عملي ...
٥١ ـ (وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ
لَيْلَةً) ... واعده : ضرب معه موعدا وجعل له ميقاتا بأن ينزل عليه
التوراة بعد هلاك فرعون بثلاثين يوما ، هي ليالي تمام ذي العقدة وعشرة من ذي
الحجة. وقد عبّر عن الفترة بالليالي لأنها غرّة الشهور ، وفي الليالي يستهلّ القمر
الذي يحدّد الشّهر بمنازله يوما بعد يوم. وقيل إن موسى استاك فذهب طيب فمه الشريف
فأخّر عشرا. (ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ
الْعِجْلَ) أخذتموه إلها تعبدونه بتسويل السامريّ (مِنْ بَعْدِهِ) بعد مضيّ ميقات عودة موسى بالتوراة. فعلتم ذلك (وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ) لأنفسكم بشرككم.
أما السامريّ فهو
من خيار قوم موسى ولكنه من قوم كانوا يعبدون البقر فبقيت عبادة البقر في نفسه. وقد
كان على مقدّمه الزحف يوم هرب بنو إسرائيل وأغرق الله فرعون وقومه. وقد اختصه موسى
(ع) فنظر إلى جبرائيل (ع) وهو على فرس له ، كانت كلما وضعت حافرها على موضع من
الأرض تحرّك موضعه فجعل السامريّ يتفرّس بذكائه ، فأدرك أن ما يمسّ حافرها
تحلّه الحياة ، وصار يأخذ التراب ـ من تحت الحافر ـ ثم صرّه في صرّة حفظها وراح
يفتخر بها على بني إسرائيل. فلما ذهب موسى إلى ربّه قال هرون للقوم : تطهّروا مما
تحملون من زينة آل فرعون فإنها نجس. وأوقد لهم نارا يقذفونها بها
__________________