وقد قال أحمد فى رواية حنبل : من بدل دينه فاقتلوه من المسلمين ، لو أن يهوديا تنصر أو نصرانيا تهود لم يقتل (١).
وبذا يتضح لنا الإجماع على وجوب قتل المرتد عن الإسلام إلى أى ملة أو ونحلة وذلك بعد استتابته كما سيأتى تفصيله ، ولكن هل هنالك شروط يجب توافرها للحكم بالردة؟
ذكر أهل العلم ثلاثة شروط يجب توافرها حتى يحكم بردة المرتد :
الشرط الأول : البلوغ على خلاف فيه.
يقول ابن قدامة ـ بعد ذكره للأقوال فى إسلام الصبى قبل بلوغه وما يترتب عليه ـ تعليقا على قول الخرقى : «فإن رجع وقال : لم أدر ما قلت لم يلتفت إلى قوله وأجبر على الإسلام».
«وجملته أن الصبى إذا أسلم وحكمنا بصحة إسلامه لمعرفتنا بعقله بأدلته فرجع وقال: لم أدر ما قلت لم يقبل قوله ولم يبطل إسلامه الأول وروى عن أحمد : أنه يقبل منه ولا يجبر على الإسلام. قال أبو بكر : هذا قول محتمل لأن الصبى فى مظنة النقص فيجوز أن يكون صادقا قال : والعمل على الأول لأنه قد ثبت عقله للإسلام ومعرفته به بأفعاله أفعال العقلاء وتصرفاته تصرفاتهم وتكلمه بكلامهم وهذا يحصل به معرفة عقله ولهذا اعتبرنا رشده بعد بلوغه بأفعاله وتصرفاته وعرفنا جنون المجنون وعقل العاقل بما يصدر عنه من أفعاله وأقواله وأحواله.
فلا يزول ما عرفناه بمجرد دعواه. وهكذا كل من تلفظ بالإسلام أو أخبر عن نفسه به ثم أنكر معرفته بما قال لم يقبل إنكاره وكان مرتدا نص عليه أحمد فى مواضع. إذا ثبت هذا فإنه إذا ارتد صحت ردته وبهذا قال أبو حنيفة. وهو الظاهر من مذهب مالك وعند الشافعى لا يصح إسلامه ولا ردته وقد روى عن أحمد أنه يصح إسلامه ولا تصح ردته لقوله عليهالسلام : «رفع القلم عن ثلاث عن الصبى
__________________
(١) أحكام أهل الملل للخلال ص : ١٨٨.