المتعارضين ، وإن لم يكن جريان بعض المباحث في غير الخبرين المتعارضين قابلا للإنكار كالبحث في أنّ مقتضى القاعدة في باب التعارض ما هو؟
ولا بدّ من التكلّم في موضوع التعارض وتعريفه أوّلا ، وفي حكمه ، من التساقط أو الأخذ بأحدهما تعيينا أو تخييرا ثانيا ، فنقول : إنّ المذكور في الروايات عنوان «حديثان متعارضان» وعنوان «حديثان مختلفان» ، ولا فرق بينهما بحسب نظر العرف المتّبع هنا.
والمستفاد من الكفاية أنّ التعارض على نوعين ؛ لكونه حقيقيّا وعرضيّا ، والحقيقي : عبارة عن التنافي بين الدليلين بنحو التضادّ أو التناقض ، كما إذا دلّ أحدهما على وجوب الدعاء عند رؤية الهلال ، والآخر على عدم وجوبه ، أو على حرمته.
والمراد من التعارض العرضي : ما كان التنافي بينهما من جهة أمر خارج عن مدلولهما العرفي كالعلم الإجمالي بعدم مطابقة أحدهما للواقع ، كما إذا دلّ دليل على وجوب صلاة الجمعة يوم جمعة تعيينا ، والآخر على وجوب صلاة الظهر فيه كذلك ؛ فإنّه لا منافاة بينهما بحسب المفهوم العرفي ؛ لإمكان وجوب كلتيهما ، إلّا أنّا نعلم ـ بالضرورة من الدين ـ عدم وجوب ستّ صلوات في يوم واحد ، ولأجل هذا العلم يكون الدليل ـ الدال على وجوب صلاة الجمعة ـ نافيا لوجوب صلاة الظهر بالالتزام ، والدّليل على وجوب صلاة الظهر نافيا لوجوب صلاة الجمعة كذلك.
إذا عرفت هذا فيقع البحث :
أوّلا : أنّ التنافي بالعرض هل يكون عند العرف تعارضا أم لا؟ والظاهر أنّ العرف يحكم بالتعارض بين الدليلين المذكورين بلا ريب.