الطهارة بما أنّها حالة نفسانيّة قابلة للدوام والبقاء حكم شرعي وضعي ، وجريان الاستصحاب فيها لا يحتاج إلى حكم شرعي آخر.
وكان لبعض الأعلام رحمهالله بيان يشبه هذا المعنى ، إلّا أنّ إرجاعه المسألة إلى مقام الامتثال ليس بصحيح ، فإنّه قال : «الظاهر أنّ الحكم بوجود الشرط قابل للتعبّد ، ومعنى التعبّد به هو الاكتفاء بوجوده التعبّدي وحصول الامتثال ، فإنّ لزوم إحراز الامتثال وإن كان من الأحكام العقليّة إلّا أنّه معلّق على عدم تصرّف الشارع بالحكم بحصوله ، كما في قاعدتي الفراغ والتجاوز ، فإنّه لو لا حكم الشارع بجواز الاكتفاء بما أتى به المكلّف فيما إذا كان الشكّ بعد الفراغ أو بعد التجاوز لحكم العقل بوجوب الإعادة لإحراز الامتثال من باب وجوب دفع الضرر المحتمل ، لكنّه بعد تصرّف الشارع وحكمه بجواز الاكتفاء بما أتى به ارتفع موضوع حكم العقل ؛ لكونه مبنيّا على دفع الضرر المحتمل ، ولا يكون هناك احتمال الضرر ، فكذا الحال في المقام فإنّ معنى جريان الاستصحاب في الشرط هو الاكتفاء بوجوده الاحتمالي في مقام الامتثال بالتعبّد الشرعي» (١).
ويرد عليه : أنّه لا بدّ من إرجاع الاكتفاء بوجوده الاحتمالي في مقام الامتثال إلى التوسعة في مقام الجعل والتقنين ؛ إذ لا يعقل أن يكون المعتبر لصلاة الشاكّ جزءا أو شرطا واقعيّا ولكن يكتفى الشارع بفاقده في الواقع في مقام الامتثال ، ومعناه نفى الجزئيّة أو الشرطيّة عن صلاته ، فكيف يجمع بين بقاء الجزئيّة أو الشرطيّة بقوّتها واكتفاء الشارع بما هو ناقص وباطل في مقام الامتثال؟! وحلّ المعضلة منحصر بتوسعة دائرة الشرطيّة والجزئيّة في مقام الجعل والتقنين.
وهذا المعنى يجري بعينه في استصحاب وجود المانع ، فإنّ معناه توسعة
__________________
(١) مصباح الاصول ٣ : ١٧٤.