والمفروض عدم دليل شرعي على اعتبارها ، فلا وجه للقول به قبل جريان أصالة البراءة. ومن هذه الجهة أيضا لا فرق في جريانها بين أجزاء الصلاة وبين الامور المذكورة.
نعم ، قد يستدلّ بالإجماع على بطلان العمل بالاحتياط ، كما ادّعاه السيّد الرضي (١) على بطلان صلاة من صلّى ولا يعلم أحكامها ، ومقتضى عمومه بطلان صلاة المحتاط ، وكما أنّه قد ادّعى الإجماع على بطلان عبادة تارك طريقي الاجتهاد والتقليد والأخذ بالاحتياط ، ولكنّ الإجماع المنقول بالخبر الواحد فاقد للحجّيّة والاعتبار كما ثبت في محلّه ، فلا إشكال في صحّة عبادة المحتاط.
فالإشكالات الواردة على الاحتياط في الشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي وإن كان مستلزما لتكرار العبادة قابلة للدفع.
وأمّا الإشكال الراجع إلى الاحتياط فيما إذا كان على خلافه حجّة شرعيّة فهو ما ذكره المحقّق النائيني رحمهالله ومحصّله : أنّه يعتبر في حسن الاحتياط إذا كان على خلافه حجّة شرعيّة أن يعمل المكلّف أوّلا بمؤدّى الحجّة ، ثمّ يعقّبه بالعمل على خلاف ما اقتضته الحجّة إحرازا للواقع ، وليس للمكلّف أن يعمل بالعكس إلّا إذا لم يستلزم الاحتياط استئناف جملة العمل وتكراره.
والسرّ في ذلك : أنّ معنى اعتبار الطريق إلقاء احتمال مخالفته للواقع عملا وعدم الاعتناء به ، والعمل أوّلا برعاية احتمال مخالفة الطريق للواقع ينافي إلقاء احتمال الخلاف ، فإنّ ذلك عين الاعتناء باحتمال الخلاف ، وهذا بخلاف ما إذا قدّم العمل بمؤدّى الطريق ، فإنّه حيث قد أدّى المكلّف ما هو الوظيفة وعمل بما يقتضيه الطريق ، فالعقل يستقلّ بحسن الاحتياط لرعاية إصابة الواقع. هذا ،
__________________
(١) ذكري الشيعة ٤ : ٣٢٥ ، فرائد الأصول ٢ : ٥٠٨.