المتعلّق بالصلاة والحكم المتعلّق بالغصب حكمان واقعيّان ، بخلاف المقام فإنّ الحكم المتعلّق بعنوان المشتبه هو الحكم الظاهري ، ومن البديهي أنّ الأحكام الظاهريّة متأخّرة رتبة عن الأحكام الواقعيّة ؛ إذ المفروض في موردها الشكّ في الحكم الواقعي ، ومع عدم تنجّز الحكم الواقعي لمكان الشكّ فيه يأتي دور الحكم الظاهري ، وأمّا مع فرض تنجّز الحكم الواقعي في حقّ المكلّف لمكان القطع به كما هو مفروض البحث ، فلا تصل النوبة إلى الحكم الظاهري.
وأمّا المقام الثاني ـ أي كفاية الاحتياط والامتثال الإجمالي وعدمه في مقام الامتثال ـ فيقع البحث فيه تارة في التوصّليّات ، واخرى في المعاملات ، وثالثة في العبادات.
أمّا التوصّليّات فلا شكّ في كفاية الامتثال الإجمالي فيها ؛ لأنّ الغرض فيها مجرّد حصول المأمور به في الخارج كيفما اتّفق ، وبإتيان جميع المحتملات يتحقّق المأمور به لا محالة ، فإذا علم أحد بأنّه مديون بدرهم إمّا لزيد وإمّا لعمرو وأعطى لكلّ واحد منهما درهما يحصل له العلم بالفراغ ، وهكذا لو غسل المتنجّس بمائعين طاهرين يعلم إجمالا بكون أحدهما ماء مطلقا والآخر مضافا فلا شكّ في حصول الطهارة له ، سواء كان المكلّف متمكّنا من الامتثال التفصيلي أم لا ، وسواء كان الاحتياط مستلزما للتكرار أم لا.
وأمّا المعاملات بالمعنى الأعمّ فلا شكّ في جواز الاحتياط وكفاية الامتثال الإجمالي فيها أيضا ، فإذا احتاط المكلّف وجمع بين إنشاءات متعدّدة يعلم إجمالا بصحّة أحدها ـ مثلا ـ يكفي في حصول المنشأ لا محالة وإن لم يتميّز السبب المؤثّر عنده بعينه ، فإذا شكّ في أنّ الطلاق هل يحصل بالجملة الفعليّة : «طلّقتك» أو أنّه لا بدّ في حصوله من الجملة الاسميّة «أنت طالق»؟ فلا مانع