ومحمولا عليه ، فالظاهر من الحديث أنّ الميسور من أفراد الطبيعة أو من أجزائها لا يسقط نفس ذلك الميسور بالمعسور ، ومن المعلوم أنّه لا يلزم تقدير أصلا.
نعم ، بقي هنا شيء وهو : أنّ الثابت في العهدة كان هو الأمر المعسور ، والمفروض سقوطه عن العهدة يقينا ، وأمّا الميسور فلم يكن بنفسه ثابتا في العهدة ، بل كان ثبوته بتبع ثبوت المعسور ، فإذا سقط يسقط الميسور بتبعه ، فلم يكن الميسور ثابتا حتّى ينسب إليه عدم السقوط.
وجوابه : أنّه ليست للمركّبات الاعتباريّة واقعيّة وراء الأجزاء ، فحقيقة الصلاة هي الأجزاء ، فحينئذ يصحّ القول بأنّ الركوع قبل تعذّر فاتحة الكتاب كان ثابتا في عهدتنا ، وهكذا السجود وأشباه ذلك ـ وإن كان ثبوتها بعنوان بعض المأمور به ، ولكنّه لا يكون مانعا عن التعبير بأنّها كانت ثابتة في عهدتنا ـ فلا يسقط بالمعسور ، فيكون الآن ثابتا بعنوان تمام المأمور به ويكفي في نسبة عدم السقوط مجرّد بقاء الميسور في العهدة ولو بأمر آخر وطلب ثان متحقّق بمجرد السقوط عن المعسور ، فالاختلاف إنّما هو في جهة ثبوت الأمر ، وأمّا أصله فهو باق.
غاية الأمر أنّه كان في الابتداء بتبع المعسور ، وبعد تحقّق العسر تعلّق به أمر آخر مستقلّ ، فأصل الثبوت في العهدة الذي هو الملاك للتعبير بعدم السقوط كان متحقّقا من الأوّل ولم يعرض له سقوط أصلا.
وهذا نظير اختلاف الدعامة التي بها كان السقف محفوظا على حاله ، فإنّ تبديلها وتغييرها لا يوجب سقوط السقف وإن كانت الجهة لعدم السقوط مستندة في السابق إلى الدعامة الاولى ، وفي اللاحق إلى الدعامة الثانية.