المعلوم في البين ، فإذا لم تحرم ـ كما هو المفروض ـ لم يقع التعارض ، ومع عدمه لا يجب الموافقة القطعيّة (١). انتهى.
واستشكل عليه استاذنا السيّد الإمام رحمهالله :
أوّلا : بأنّ المراد بالتمكّن العادي من الجمع في الاستعمال إن كان هو الإمكان دفعة ، أي في أكل واحد أو شرب واحد أو لبس كذلك وهكذا ، فهذا يوجب دخول أكثر الشبهات المحصورة في هذا الضابط ؛ لأنّ كثيرا منها ممّا لا يمكن عادة جمعها في استعمال واحد ، لأجل كثرة أطرافه المحصورة ، وإن كان المراد هو الإمكان ولو تدريجا بحسب مرور الأيّام والشهور والسنين ، فلا زمه خروج أكثر الشبهات الغير المحصورة ؛ لإمكان جمعها في الاستعمال تدريجا ، كما هو واضح.
وثانيا : بأنّك عرفت فيما تقدّم مرارا أنّ التكاليف الفعليّة ثابتة بالنسبة إلى جميع المخاطبين ، ولا تكون مشروطة بالعلم والقدرة ونظائرهما ، غاية الأمر أنّ الجاهل والعاجز معذوران في المخالفة ؛ لأنّ الملاك في حسن الخطاب بنحو العموم واستهجانه غير ما هو المناط فيهما بالنسبة إلى الخطاب الشخصي ، فلو لم يكن الشخص قادرا على ترك المنهي عنه يكون معذورا ، كما أنّه لو لم يكن قادرا على إتيان المأمور به يكون كذلك ، فالموجب للمعذوريّة إنّما هو عدم القدرة على الترك في الأوّل وعلى الفعل في الثاني ؛ لتحقّق المخالفة ، وأمّا لو لم يكن قادرا على الفعل في الأوّل وعلى الترك في الثاني ، فلا معنى للعذر هنا ؛ لعدم حصول المخالفة منه أصلا ، كما لا يخفى.
وحينئذ فما أفاده من أنّ عدم التمكّن العادي من المخالفة القطعيّة يوجب
__________________
(١) فوائد الاصول ٤ : ١١٧ ـ ١١٩.