بأنّ الخمر بوجوده الواقعي كان شرطا للتكليف ، فضمّ المقدّمة الاخرى ـ أي دخالة العلم به في الانبعاث والإرادة ـ لا ينتج إلّا فعليّة التكليف في ظرف العلم المصادف لا المطلق ، فاستنتاج هذه النتيجة ـ أي كون مفاد قوله : «لا تشرب الخمر» : لا تختر شرب ما أحرزت أنّه خمر ـ ينافي دخل الخمريّة الواقعيّة في شرط التكليف.
كما أنّ في جعل الاختيار والانبعاث تحت التكليف مسامحة اخرى ؛ إذ هذه باصطلاحه من الطوارئ اللاحقة للتكليف ، فيلحق بالانقسامات اللّاحقة.
مضافا إلى أنّ التكليف بشيء إذا كان من شأنه الدعوة فلا جرم يكون المدعو إليه عنوانا في طول عنوان المعروض وإن كان العنوانان متّحدين ذاتا ومنشئا ، فما هو المعروض لا يعقل أخذ الإرادة فيه ولو قيدا ؛ لأنّ الإرادة الناشئة عن التكليف معلول التكليف ، فكيف يكون قيد موضوعه؟! فما توهّم في دفع المقدّمة الاولى مندفع بهذا الكلام ؛ إذ الفعل الصادر عن الإرادة الناشئة عن دعوة التكليف معلول التكليف لا معروضه ، فلا محيص من تجريد المعروض عن الإرادة رأسا ، كما لا يخفى على الناظر الدقيق ، وحينئذ هذا البرهان شاهد خروج الإرادة عن حيّز التكليف لا جهة الغفلة ، كيف؟ وكثيرا ما نلتفت إلى إرادتنا حين الامتثال كما في العبادات ، خصوصا عند الإخطار في النيّة.
مع أنّ شمول الخطابات للعاصي والمتجرّي ببيان المحقّق النائيني قدسسره مستلزم للغويّة بحث التجرّي ، مضافا إلى اشتمال بعضها للتعليل ، مثل : «لا تشرب الخمر لأنّه مسكر» ، ومن المعلوم أنّ المسكريّة من شأن الخمر الواقعي ، ومضافا إلى اعتقاد العدليّة بتبعيّة الأوامر والنواهي للمصالح والمفاسد المتحقّقة في المتعلّق ،