بالإجمال في العلم الإجمالي الصغير غير المعلوم بالإجمال في العلم الإجمالي الكبير ، كما إذا علمنا إجمالا بخمريّة أحد الإناءين ، ثمّ علمنا تفصيلا أو قام دليل شرعي من البيّنة أو الأصل على خمريّة الإناء الواقع في طرف اليمين ، ولكن يحتمل أن يكون المعلوم بالإجمال مغايرا للمعلوم بالتفصيل ومفاد الأمارة والأصل.
ويترتّب على هذه المسألة ثمرات متعدّدة في الفقه ، فلا بدّ من البحث فيها مفصّلا ، فنقول :
إنّه يستفاد من كلمات الفقهاء والأعاظم أنّ أصل الانحلال في هذه الصورة لا إشكال فيه ، إنّما الكلام في أنّ الانحلال هنا حكميّ أو حقيقيّ؟ فقد يقال : إنّ الانحلال في هذه الصورة حكمي ، وذلك بتقريبين :
الأوّل : ما أفاده المحقّق العراقي قدسسره (١) من أنّه مع قيام المنجّز في أحد طرفي العلم الإجمالي ، علما كان أو أمارة أو أصلا يخرج العلم الإجمالي عن تمام المؤثّرية في هذا الطرف ، لما هو المعلوم من عدم تحمّل تكليف واحد للتنجيزين ، وبخروجه عن قابليّة التأثّر من قبل العلم الإجمالي مستقلّا يخرج المعلوم بالإجمال ، وهو الجامع الإطلاقي عن القابليّة المزبورة ، فلا يبقى مجال لتأثير العلم الإجمالي في متعلّقه ؛ لأنّ معنى منجّزية العلم الإجمالي هو كونه مؤثّرا مستقلّا في المعلوم على الإطلاق ، وهذا المعنى غير معقول بعد خروج أحد الأطراف عن قابليّة التأثّر من قبله مستقلّا ، فلا يبقى إلّا تأثيره على تقدير خاص ، وهو أيضا مشكوك من الأوّل ؛ إذ لا يكون التكليف على ذاك التقدير متعلّقا للعلم ، فما هو المعلوم وهو الجامع المطلق القابل للانطباق على كلّ واحد
__________________
(١) نهاية الأفكار ٣ : ٢٥١ ـ ٢٥٢.