العادل ـ فيصحّ القول بتقدّم صدق العادل على التعليل بنحو الحكومة ، وأمّا في آية النبأ فأصل ثبوت المفهوم يكون محلّ بحث ، ويقول المستشكل بأنّ اشتمال الآية على التعليل مانع عن ظهورها في المفهوم ، فكيف يمكن حكومة المفهوم الذي يكون أصل وجوده محلّ الترديد على التعليل الذي يدور الحكم مداره؟!
وثالثا : ما أفاده المحقّق الأصفهاني قدسسره (١) من أنّ الحكومة المدعاة مستلزمة للدور ؛ إذ انعقاد ظهور الآية في المفهوم فرع كونه حاكما على عموم التعليل وكون المفهوم حاكما يتوقّف على وجود المفهوم.
الجواب الثالث : ما أفاده المحقّق الخراساني قدسسره (٢) من أنّ إشكال التعارض إنّما يرد فيما إذا كانت الجهالة بمعنى عدم العلم المشترك بين خبر الفاسق والعادل ، إلّا أنّه لا يبعد دعوى كون الجهالة بمعنى السفاهة التي هي عبارة عن فعل ما لا ينبغي صدوره من العاقل ، ومعه فيختصّ التعليل بخبر الفاسق ولا يعمّ خبر العادل ؛ إذ الاعتماد على خبر الفاسق بلا تبيّن عمل سفهي ، لاحتمال تعمّده الكذب ، وأمّا الركون إلى خبر العادل فلا يكون سفهيّا بوجه ؛ لمكان علمنا بعدم تعمّده الكذب كما عليه طريقة العقلاء.
ويرد عليه : أنّ جعل الجهالة بمعنى السفاهة خلاف المتفاهم العرفي من هذا اللفظ ، بل هي بمعنى عدم العلم بالواقع. ويدلّ على ذلك جعل الجهالة في الآية الشريفة في مقابل التبيّن الذي هو بمعنى تحصيل العلم وإحراز الواقع ، ويؤيّده أيضا خلوّ المعاجم ومصادر اللغة من تفسير الجهالة بالسفاهة.
ولكنّه قابل للمناقشة ؛ إذ سلّمنا أنّ الجهالة في كتب اللغة تكون في مقابل
__________________
(١) نهاية الدراية ٢ : ٧٨.
(٢) كفاية الاصول ٢ : ٨٦.