فيما نحن فيه ، والإطلاق المفيد عبارة عن كون المولى في مقام البيان من هذه الناحية ، أي كون المنهي عنه مطلوب الترك وإن خالف النهي أو وافق في مورد واحد أو موارد متعدّدة.
ويرد عليه : أنّه لا يجري في مورد لم يكن المولى في مقام البيان من هذه الجهة ، فلا يصحّ القول باستمرار النهي بعنوان الكلّي.
والمحقّق النائيني قدسسره أجاب من جهة اخرى : بأنّه كما أنّه إذا تعلّق الأمر بالعامّ الاستغراقي ينحلّ بأوامر متعدّدة ، وتتحقّق له موافقات متعدّدة ومخالفات متعدّدة حسب تعدّد أفراد المأمور به مثل : «أكرم كلّ عالم». وهكذا النهي في مثل : «لا تشرب الخمر» ، يكون معناه أطلب منك ترك كلّ فرد من أفراد شرب الخمر ، وعلى هذا ينحلّ النهي أيضا إلى نواهي متعدّدة ، ولا فرق بينه وبين قوله : «اترك كلّ فرد من أفراد شرب الخمر» ، فتتحقّق له أيضا موافقات ومخالفات متعدّدة حسب تعدّد أفراد المنهي عنه (١).
والظاهر أنّه أيضا قابل للمناقشة ، فإنّ العموم الاستغراقي في مثل : «أكرم كلّ عالم» يستفاد من إضافة كلمة «كلّ» إلى طبيعة العالم ، وهي تدلّ بالوضع عليه ، وأمّا في باب النهي ، مثل : «لا تشرب الخمر» فلا دلالة له على العموم الاستغراقي أصلا ، فإنّ هيئة النهي لا تدلّ على أزيد من الزجر أو طلب الترك ، والطبيعة لا تدلّ على الخصوصيّات الفرديّة ، بل لا يعقل حكايتها عنها ، فلا دليل على استفادة العموم من «لا تشرب الخمر» ، كما لا يخفى.
والمحقّق الأصفهاني قدسسره (٢) أجاب من جهة اخرى : وهي أنّ الأمر متعلّق
__________________
(١) فوائد الاصول ١ : ٣٩٤ ـ ٣٩٥.
(٢) نهاية الدراية ٢ : ٢٩١.