لأحدهما أو غير مخالف ممّا لا يكاد يتيسّر للعامي ، وكقاعدتي «ما يضمن» و «ما لا يضمن» فإنّ تشخيص مواردهما وتطبيقهما عليها لا يمكن لغير المجتهد.
ولذا قال بعض الأعلام في مقام التمايز : إنّ استفادة الأحكام الشرعيّة من المسائل الاصوليّة من باب الاستنباط والتوسيط ، ومن القواعد الفقهيّة من باب تطبيق مضامينها بأنفسها على مصاديقها ، سواء كانت مختصّة بالشبهات الموضوعيّة ـ كقاعدة الفراغ واليد والحلّيّة ونحوها ـ أم كانت تعمّ الشبهات الحكميّة أيضا ـ كقاعدتي «لا ضرر» و «لا حرج» ، بناء على جريانهما في موارد الضرر أو الحرج النوعي.
واورد عليه بأنّ قاعدة الطهارة الجارية في الشبهات الحكميّة ـ مثل إحراز حكم «المشروبات الكحوليّة» منها ـ لا يكون إلّا باستنباط حكمه منها مع أنّها من القواعد الفقهيّة.
وفيه : أوّلا : أنّا لا نسلّم أن تكون قاعدة الطهارة من القواعد الفقهيّة ، ولا فرق بينها وبين قاعدة الحلّيّة في أنّ كليهما من القواعد الاصوليّة ، ولا يجوز التفكيك بينهما بوجه.
وثانيا : أنّ تطبيق قاعدة الطهارة على شيء مشكوك فيه ـ مثل : المشروبات الكحوليّة ـ لا يكون إلّا كتطبيق قاعدة «ما يضمن» على البيع الفاسد ؛ إذ المشروبات الكحوليّة مصداق نوعي لشيء شكّ في طهارته ، فهذا الإيراد غير تامّ.
والرأي الآخر في المسألة : أنّ القواعد الاصوليّة يستفاد منها في أكثر أبواب الفقه ، ولا تختصّ بباب دون باب كالاستصحاب ، وأمّا القواعد الفقهيّة فيستفاد منها في باب واحد ، مثل : قاعدة «ما يضمن» ، فإنّها تجري في باب العقود التي