جامعا بين الموضوعات ؛ إذ لا مانع من كون القضايا في العلوم الاعتباريّة بعكس المحمول ، مثلا : تقول في مسألة خبر الواحد حجّة : الحجّة خبر الواحد ، ويؤيّد أولويّة جعل كلمة الحجّة موضوعا فيها معلوميّة الحجّة في الأحكام ، فإنّا لا نشكّ في أنّ للأحكام والقوانين أدلّة وحججا ، ولكن المجهول عندنا تعيّناتها وتشخّصاتها ومصاديقها كخبر الواحد وظواهر الكتاب ونحوهما ، ففي الحقيقة الحجّة هو الموضوع في المسائل ، فإنّها أمر معلوم ، ولذا جعل الموضوع في علم الفلسفة «الموجود ربما هو موجود» مع أنّ الموجود في مسائله يكون محمولا لها ، وهكذا في مسائل علم الاصول. هذا تمام كلامهما.
نكتة : إذا قلنا مثلا : «زيد إنسان» فلا يكون معناه كون «إنسان» مصداقا لطبيعة الإنسان بدون «زيد» ، بل كلاهما مصداق لها ، بل الأولى في الفرديّة والمصداقيّة هو «زيد» ، فإنّ «الإنسان» كلّي ومبهم ، و «زيد» متعيّن ومتشخّص.
إذا عرفت هذا فنقول : أوّلا : أنّ الموضوع في علم الاصول هو الجامع بين الموضوعات لا المحمولات. وثانيا : لا نحتاج إلى قلب القضايا في مسائل علم الاصول ؛ إذ لا فرق في كون «الحجّة» موضوعا فيها أو محمولا ؛ لأنّ الخبر الواحد أو ظاهر الكتاب أو نحوهما وإن كان موضوعا فيها ولكنّها أولى في الفرديّة والمصداقيّة للحجّة في الفقه ، فإنّها مصاديق متعيّنة ومتشخّصة ، والمقصود في الواقع من قضيّة الخبر الواحد حجّة لا يكون إلّا تعيّن الحجّة ، والحجّة الأجلى هو خبر الواحد. وعلى هذا فالجامع بين الموضوعات ـ أي الحجّة في الفقه ـ هو الموضوع في علم الاصول.