ولكنّ المتأمّل يعلم بأدنى التفات بأنّها لم تترتّب على الماهيّة والمفهوم ، وهكذا على وجودها الذهني ، بل تترتّب على وجودها الخارجي ، فالوجودات الخارجيّة مشتركة في هذه الآثار ؛ إذ هي كما تترتّب على صلاة الحاضر كذلك تترتّب على صلاة المسافر ، وكما تترتّب على صلاة القائم كذلك تترتّب على صلاة القاعد ، لكنّها تترتّب على أفراد الصلاة بخصوصيّاتها الخاصّة المعتبرة في صحّتها خارجا عن الأجزاء والشرائط وعدد الركعات المعتبرة فيها ونحو ذلك ؛ لأنّ الصلاة المركّبة من أربع ركعات لكونها تامّة ومؤثّرة ، والصلاة المركّبة من ركعتين إن كانت مقصورة مؤثّرة ، فكيف يتصوّر الجامع بينها مع دخالة هذه الخصوصيّات في ترتّب الأثر؟!
والحاصل أنّ ترتّب الأثر متوقّف على الصحّة ، والصحّة متوقّفة على وجود الخصوصيّات وحفظها ، وأمّا تصوير الجامع فإنّه متوقّف على إلغائها منها ، فإنّها مع حفظ الخصوصيّات حقائق متخالفة ومتباينة ، فلا يكشف عن الاشتراك في وجود الجامع.
الإشكال الرابع : أنّ لازم تصوير الجامع بهذا البيان أنّه إذا كان أحد جاهلا بالآثار ـ كما هو الغالب في المتشرّعة ـ فلا يفهم من لفظ «الصلاة» شيئا ؛ لأنّه قدسسره قال : إنّ الجامع وإن كان عند الشارع مشخّصا ومعلوما ، إلّا أنّه مجهول عندنا باسمه ورسمه ، ولكنّه يشار إليه من طريق الآثار ، فالجاهل بالآثار لا طريق له إلى معنى الصلاة أصلا ، لا بالذات ولا بالأثر ، فإنّ كثيرا من الناس لا يعلمون تأثير الصلاة في النهي عن الفحشاء والمنكر ، فضلا عن العلم بكشفه عن الجامع ، مع أنّا نشاهد خلافه لدى المتشرّعة عند سماع لفظ «الصلاة» فلم يكن ذلك الجامع موضوعا له لمثل كلمة الصلاة ونحوها ، كما هو المعلوم.