«والعجب صدور هذا الإشكال من بعض أعاظم المعاصرين على ما في تقرير بعض تلامذته».
والتحقيق : أنّ هذا الجواب ليس بتامّ ، فإنّه سلّمنا توجّه اللحاظ الآلي إلى اللفظ حال الاستعمال ، وتوجّه اللحاظ الاستقلالي إليه في مقام الوضع ، والمراد منه في الأوّل شخصه ، وفي الثاني نوعه. ولكن تحقّق ثلاث لحاظات في استعمال واحد غير معقول ، مع أنّ لازم كلامه قدسسره تعلّق اللحاظ الآلي بشخص اللفظ ، وتعلّق اللحاظ الاستقلالي بنوعه ، وتعلّق اللحاظ الاستقلالي الآخر بالمعنى في استعمال واحد ، فكيف يمكن ذلك مع كون المستعمل واحدا وهو شخص اللفظ أو نوعه؟!
نعم ، يمكن إطلاق اللفظ وإرادة نوعه بحيث كان شخص اللفظ مستعملا ونوعه مستعملا فيه ، ولكن لم يكن فيه ثلاث لحاظات كما مرّ ، فلا يمكن باستعمال واحد تحقّق الوضع والاستعمال معا.
ولكن يرد على المحقّق النائيني قدسسره إشكال آخر وهو : أنّه لا يوجد دليل على تعلّق اللحاظ الآلي بالألفاظ في جميع الاستعمالات ، بل تختلف الموارد باختلاف الأغراض ؛ إذ سلّمنا تعلّق اللحاظ التبعي باللفظ في أكثر الاستعمالات ، إلّا أنّ تعلّق اللحاظ الاستقلالي به في بعض الموارد لا يكون قابلا للإنكار ، مثل : مقام أداء الخطابة وكتابة المقالة الأدبيّة ؛ إذ الغرض في هذين المقامين يتعلّق بإفادة المقصود في ضمن الألفاظ الحسنة الجميلة ، وهكذا ، فإنّ توجّه اللحاظ الآلي أو الاستقلالي إلى اللفظ تابعا لاقتضاء المناسبة لأحد منهما ، فليس هنا قاعدة كلّيّة بأنّ اللفظ لا بدّ فيه من اللحاظ الآلي في جميع الاستعمالات.