الحرفيّة معان إخطاريّة لها واقعيّة غير مستقلّة.
وأمّا الثاني : فلأنّ استعمال لفظ «الإيجاد» في باب العقود والإيقاعات لا يخلو عن مسامحة ؛ إذ العقد لا يكون علّة موجدة للزوجيّة ، بل الشارع والعقلاء بعد إتمام العقد يعتبرون الزوجيّة للزوجين.
ولو سلّمنا هاهنا أنّ العقد يوجد واقعيّة اعتباريّة بينهما ، ولكن لا نعلم كيفيّة إيجاد الارتباط بواسطة الحروف بين المعاني الاسميّة ، فهل الاستعمال يوجب انتقال «زيد» إلى المدرسة ولو كان في داره نائما؟ فهو غير معقول ، مع أنّك تقول : لا يكون بينهما ارتباط قبل الاستعمال وإن كان «زيد» موجودا في المدرسة ، وليست واقعيّة اخرى سوى واقعيّة «زيد» والمدرسة.
فلا بدّ من توجيه كلامه قدسسره بأنّ الأسماء لها معان متحقّقة ، سواء استعملت مفردة أو في ضمن كلام تركيبي ، والحروف لا معنى لها إلّا في ضمن جملات تركيبيّة ، وهي توجب الارتباط بين الأسماء في مقام اللفظ فقط ، ولازم ذلك أنّ الحروف لا معنى لها أصلا ، فلا دليل لتشبيهها بباب العقود والإيقاعات ، مع أنّه أيضا قول مردود كما مرّ بيانه.
القول الرابع : ما اختاره بعض مشايخنا المحقّقين على ما في كتاب المحاضرات (١) في مقام جواب المحقّق الخراساني قدسسره وهو : أنّ المعاني الحرفيّة تباين الاسميّة ذاتا بدون الاشتراك في طبيعي معنى واحد ، فإنّ الفرق بين الاسم والحرف لو كان بمجرّد اللحاظ الآلي والاستقلالي وكانا متّحدين في المعنى لكانا قابلين لأن يوجدا في الخارج على نحوين ، كما يوجدا في الذهن كذلك ، مع أنّ المعاني الحرفيّة كأنحاء النسب والروابط لا توجد في الخارج إلّا
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ١ : ٦٧.