الاستقلالي بإفادة
الخصوصيّات والكيفيّات المتعلّقة بالمفاهيم الاسميّة ، كما هو واضح ، وهذا البيان
لبعض الأعلام على ما في كتاب المحاضرات .
وهذا أيضا مدفوع
بأنّه خلط بين عنوان المقصود بالذات وعنوان الملحوظ بالاستقلال، وبينهما بون بعيد
، والممتنع في المعاني الحرفيّة هو الثاني بخلاف الأوّل ؛ إذ لا يمكن لحاظ أحد
الخصوصيّات ـ كالمعيّة أو النسبة القائمة بين الموضوع والمحمول ـ استقلالا ، مع
أنّها يمكن أن تكون مقصودة بالذات.
القول الثاني : ما
عن نجم الأئمّة الشيخ الرضي قدسسره : من أنّ الحروف لا معنى لها أصلا ، إنّما وضعت لتكون
علامة على كيفيّة إرادة مدخولاتها ، كما يكون الرفع علامة لفاعليّة زيد ـ مثلا ـ في
قولنا : «قام زيد» ، كذلك يكون «في» علامة لظرفيّة مدخوله في مثل قولنا : «زيد في
الدار» ، من دون أن يكون له معنى مخصوص بعنوان الموضوع له.
ولكن هذا القول
مخدوش بل ممنوع ، فإنّا نرى : أوّلا : أنّ اللّغويّين يذكرون للحروف معاني في لغات
اخرى كالأسماء ، وهذا دليل على أنّ لها موضوعيّة في جميع اللّغات مثل اللّغة
العربيّة.
وثانيا : أنّ
الأماريّة والعلاميّة في الحركات الإعرابيّة لا تكون ذاتيّة ، بل هي بجعل الواضع
والجاعل ، وذلك في الحقيقة وضع ، وإن عبّر عنه بالعلاميّة.
وثالثا : أنّ
الخصوصيّات التي دلّت عليها الحروف والأدوات هي بعينها المعاني التي وضعت الحروف
بإزائها ؛ إذ «البصرة» وضعت لذات معناها ، وهي البلد الموجود خارجا ، والخصوصيّة
الابتدائيّة خارجة عنها ، فإن لم يكن
__________________