والتحقيق أن نقول : البحث هنا في أمرين :
الأول : هل يجب على الباذل بالبذل الشيء المبذول أم لا ؟
فإن قلنا بالوجوب أمكن وجوب الحج على المبذول له ، لكن في إيجاب المبذول بالبذل إشكال أقربه عدم الوجوب .
وإن قلنا بعدم وجوبه ، ففي إيجاب الحجّ إشكال ، أقربه : العدم ؛ لما فيه من تعليق الواجب بغير الواجب .
الثاني : هل بين بذل المال وبذل الزاد والراحلة ومؤونته ومؤونة عياله فرق أم لا ؟ الأقرب : عدم الفرق ؛ لعدم جريان العادة بالمسامحة في بذل الزاد والراحلة والمؤن بغير منّة كالمال .
هـ ـ لو وهب المال ، فإن قبل ، وجب الحجّ ، وإلّا فلا ، ولا يجب عليه قبول الاتّهاب ، وكذا الزاد والراحلة ؛ لأنّ في قبول عقد الهبة تحصيل شرط الوجوب وليس واجباً .
و ـ لا يجب الاقتراض للحجّ إلّا أن يحتاج إليه ويكون له مال بقدره يفضل عن الزاد والراحلة ومؤونته ومؤونة عياله ذهاباً وعوداً ، فلو لم يكن له مال ، أو كان له ما يقصر عن ذلك ، لم يجب عليه الحجّ ؛ لأصالة البراءة ، ولأنّ تحصيل شرط الوجوب ليس واجباً .
ز ـ لو كان له ولد له مال ، لم يجب عليه بذله لأبيه في الحجّ ولا إقراضه له ، سواء كان الولد كبيراً أو صغيراً ، ولا يجب على الأب الحجّ بذلك المال .
وقال الشيخ رحمه الله : وقد روى أصحابنا أنّه إذا كان له ولد له مال ، وجب أن يأخذ من ماله ما يحجّ به ، ويجب عليه إعطاؤه (١) .
ونحن نحمل ما رواه الشيخ على الاستحباب .
ج ـ لو حجّ فاقد الزاد والراحلة ماشياً أو راكباً ، لم يجزئه عن حجّة
__________________
(١) الخلاف ٢ : ٢٥٠ ، المسألة ٨ .