من أنّ المعتبر يكون اعتباريّا ووجوده وجود الاعتباري ، وأمّا نفس الاعتبار فليس بكذلك ، بل له وجود حقيقي فعلى هذا كيف يصير سبب الاعتباري سببا لأمر حقيقي؟
الاحتمال الرابع : وهو أنّ السببية لم تكن كذلك ، بل بعد تعلق الجعل بالمسبّب عنده والشارع طلب الوجوب في هذا الحال فالعقل من هذه الخصوصية ينتزع السببية ، مثلا بعد وجوب الصلاة عند دلوك الشمس فلأجل هذه الخصوصية التي حصلت للدلوك من ناحية الشرع ينتزع العقل السببية ، فعلى هذا تكون السببية مجعولة بالعرض ، أي مجعولة بالمعنى الثابت الذي قلناه سابقا من تعلّق الجعل بشيء ينتزع العقل السببية منه لأجل الخصوصية ، فبهذا الاعتبار يستند اليه الجعل ويقال : هي مجعولة بالعرض ، وهذه الخصوصية التي انتزع العقل منها السببية تكون من أجل حكم الشارع ، لا لأجل ما في السبب تكوينا ؛ لأنّ صرف اختصاص الشارع حكمه بهذا الحال خصوصية بعد تعلق الوجوب وجعل الوجوب عند الدلوك ـ مثلا ـ فالدلوك ولو كان باقيا عمّا هو عليه تكوينا ولكن مع ذلك لأجل هذا الحكم يقع فيه خصوصية ، ولا إشكال بأنّ دلوك الشمس بعد جعل الوجوب عنده يكون بينه وبين دلوك القمر فرق ، وهذا الفرق جاء من ناحية الشرع ، وهذا الفرق يكفي في إيجاد الخصوصية ، فالعقل لأجل هذه الخصوصية ينتزع السببية ، وهذا الاحتمال وإن كان ظاهره هو انتزاعية السببية لكن لو حاسب لبّه لم يكن كذلك ، لأنّه بعد ما لم يكن في السبب خصوصية حقيقية فكيف يصحّ الانتزاع؟ فهذا أيضا معنى كون الوجوب عنده ومقارنا له ، فالحقّ هو الاحتمال الأول.
القسم الثاني : وهو الجزئية والشرطية والمانعية والقاطعية للمكلف به ، فلا إشكال في أنّ كلّا منها منتزعات ، بمعنى أنّه بعد ما أوجب شيئان معا فيكون وحدة بينهما ، ويكون المركّب عبارة عنهما ، فالعقل بعد ما يرى بأنّ في كلّ منهما خصوصية