المولى ، والبراءة عن عهدة التكليف.
نعم ، لو كان أصل مقدم عليه في البين أو أمارة لا بدّ من الأخذ بها ، ويجوز له ارتكاب هذا الفرد المشتبه ، مثل ما كان في البين استصحاب بأن يقال بأنّه قبل ارتكاب ذلك الفرد يكون الوصف حاصلا فكذلك بعده بمقتضى الاستصحاب.
اذا عرفت ذلك فلو كانت نواهي الشارع من قبيل الثاني يكون مورد الاشتغال في الشبهات الموضوعية لو لم يكن أصل أو أمارة حاكما عليه ، وإن كانت نواهي الشارع من قبيل الأول فيكون في الشبهات الموضوعية مورد البراءة ، ولا إشكال في أنّ نواهي الشارع تكون من القسم الأول ، وليس في الشرع نهي وارد من قبيل القسم الثاني.
وقد ظهر لك من مطاوي كلماتنا : أنّه كلّما يكون النهي من قبيل القسم الثاني يكون في الفرد المشتبه مجرى الاشتغال بعد العلم بالتكليف ، وأمّا اذا كان من قبيل القسم الأول فلا اشكال في جريان البراءة ، لأنّ الميزان في جريان البراءة هو جهل المكلف بالتكليف وعدم حجّة من قبل المولى له ، وفي ما كان التكليف انحلاليا ففي ما يعلم أنّ هذا الفرد فرد للتكليف فلا بدّ من الاجتناب ، وأما في الفرد المشتبه فلا يجب عليه الاجتناب ؛ لأنّه لم يعلم ورود نهي على هذا الفرد ، ومعنى انحلالية النهي هو أنّه فيه امتثالات ومخالفات عديدة بعدد أفراده ، فعلى هذا تجري البراءة في الفرد المشتبه.
وإن قلت : إنّ ما يكون وظيفة الشارع وهو البيان قد تمّ ، فلا مانع بعد ذلك من العقاب على تقدير المخالفة.
قلنا : إنّه ولو سلّم أنّ الشارع بيّن الحكم إلّا أنه يكون استحقاق العقاب بعد تمامية الحجة على العبد ، وما لم يتمّ الحجّة لا يصحّ العقاب ، وإلّا فلو يكفي صرف بيان الشارع لا بدّ أنّ يحكم العقل بالعقاب ولو لم يصل البيان الى المكلف ، فهذا شاهد