حرمته لا بدّ وأن يكونوا في السعة ، والحال أنّه ليس كذلك ، فيكون المراد : أنّ الناس في سعة ما لم ينجّز عليهم الواقع بكل ما كان ، سواء كان العلم أو الطريق أو الاحتياط ، فافهم.
ومن الأخبار المتمسّك بها : قوله عليهالسلام : «كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهي». وهذه الرواية كما ذكرها الشيخ رحمهالله ، ونقلها الصدوق رحمهالله كذلك ، ونقلها الشيخ الطوسي رحمهالله في أماليه بهذا النحو «الأشياء مطلقة ما لم يرد عليك فيها أمر أو نهي ، وكلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه». وذكرها المجلسي رحمهالله في البحار نقلا عن غوالي اللآلي بهذا النحو «كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نصّ».
واعلم : أنّ ما نقله الثالث لا وجه له ؛ لأنّ المجلسي رحمهالله نقلها عن غوالي اللآلي ، وهو كما بسّطنا الكلام فيه في درس الرجال لا إشكال في أنّه نقل عن كنز العرفان ، وكنز العرفان كان نقله عن من لا يحضره الفقيه ، وفي كنز العرفان كان نقل الرواية بلفظ «نهى» ، لا بلفظ «نصّ» ، والمجلسي أيضا لم يكن في نقله اشتباه ؛ لأنّا رأينا نسخة أصل غوالي اللآلي وكان فيها بلفظ «نصّ» ، فكان الاشتباه إمّا من الغوالي ، اللآلي وإمّا من نسخة كنز العرفان الذي كان عند صاحب الغوالي وكان غلطا ، وأما النقلان الأوّلان فيحتمل أن يكونا رواية واحدة.
وعلى كلّ حال تدلّ الرواية على أنّ كلّ شيء يكون مطلقا حتى يرد فيه نهي ، وما لم يرد فيه نهي فيكون مطلقا ، وهذه الرواية دالّة على أنّ ما لم يرد النهي بنفس الأشياء تكون مطلقة ، فعلى هذا تكون بين الرواية وبين الأخبار الدالة على الاحتياط المعارضة ، لأنّ مدلول هذه الرواية أنّ ما لم يرد النهي فيه بعنوان هذه الأشياء يكون مطلقا ، وأخبار الاحتياط لا يكون مدلولها النهي عن ارتكاب الأشياء بعناوينها ، بل يكون مدلولها هو الاحتياط في الأشياء ، لا أنّ الأشياء تكون