منها : انّه على هذا لا يمكن استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد ؛ لأنّه بعد كون اللفظ وجودا تنزيليّا للمعنى وكونه قالبا للمعنى فلا يمكن صيرورته في استعمال واحد قالبا لمعنيين أو أكثر ، وأمّا لو كان علامة للمعنى فيصحّ ذلك لقابلية كون شيء واحد بلحاظ واحد علامة لشيئين أو أكثر ، ويأتي إن شاء الله بعض ثمرات أخر بعد ذلك في مقام يناسبه.
وقد يتوهّم (وكان المتوهم الآخوند ملا علي النهاوندي رحمهالله) أنّ العلقة الحاصلة والمناسبة التي بين اللفظ والمعنى الحاصلة من فعل الواضع ليس أمرا اعتباريا كما يكون في الخارج ليس الّا أمرا حقيقيا خارجيا وهو التعهد ، وهو يكون من قبيل الوجودات الحقيقية. ومنشأ ذلك التوهّم كان من أجل عدم تصوره حقائقا اعتبارية ـ أعني وجودات اعتبارية ـ أصلا فقال بأنّ ذلك من الامور الحقيقية ، وحيث رأى أنّه إن كان الأمر كذلك لا بدّ من وجود حيث تكويني في البين ؛ لأنّه لو لم يكن أمر وحيث تكويني فكيف يعقل أن يكون له وجود خارجي لأنّ الوجود الخارجي ليس إلّا لما هو حيث تكوين؟!
وحيث رأى أنّ هذا الحيث التكويني لا يكون لا في اللفظ ولا في المعنى ، لأنّ بعد الوضع لا يحصل لا في اللفظ ولا في المعنى جهة تكوينية ، بل هما باقيان بحالهما كما كانا قبل الوضع وجعل المناسبة بينهما ، فلا يزيد في اللفظ ولا المعنى حيث بالوضع ، ولا ينقص منهما شيء بسبب ذلك ، بل حالهما هو حال قبل الوضع ، فصار في مقام تصوير حيث تكويني من جهة اخرى وقال بأنّ الواضع الذي يضع اللفظ بإزاء المعنى ويريد ذلك حيث إنّه يتعهد بأنّه يريد المعنى يتلفظ بهذا اللفظ ، مثلا من يضع لفظ «زيد» لابنه يتعهد بأنّه متى يريد ابنه يتلفظ بلفظة «زيد» وهذا التعهد ولو كان موطنه النفس لأنّ ذلك من الفعل وانفعال النفس ، ولكن يكون لها حقيقة خارجية كالشجاعة فإنّ الشجاعة وإن كانت من الفعل وانفعاله إلّا أنّ لها حقيقة خارجية ؛