الآمر إذا نظر ثانيا في حكمه يرى أنّ حكمه يكون في تمام الموارد في مورد العلم والجهل أو يرى أنّ حكمه يكون في مورد العلم مثلا ، وهذا القسم يسمّى بالإطلاق الذاتي.
وقد يقال لهذا القسم بالنتيجة الإطلاق أيضا فافهم ، حيث إنّ الحكم ذاتا يكون مطلقا وساريا في كلّ التقادير ولكن لم يكن هذا الإطلاق ملحوظا حين الحكم ، لما قلنا. فالفرق بين الإطلاقين يكون في أنّ الأوّل يمكن لحاظه في الحكم حيث إنّ التقادير يكون في عرض الموضوع وقبل الحكم بخلاف القسم الثاني فإنّ التقادير تأتي من قبل الحكم فلا يمكن لحاظها في نفس الحكم.
الثالث : أن يكون الحكم هادما للتقدير أو واضعا للتقدير ، وهذا القسم يكون في الفعل والترك وما ينتزع منهما كالإطاعة والعصيان. ولا يخفى عليك أنّ في هذا القسم لا يمكن الإطلاق بالنسبة الى التقدير ولا التقييد ، سواء كان التقييد بوجود التقدير أو عدمه ، وهذا واضح لأنّا قلنا : إنّ هذا القسم لا يكون إلّا في الفعل والترك فلا يمكن الإطلاق والتقييد حيث إنّه لا يمكن أن يقول : (أقم الصلاة) مثلا في صورة فعلها ، لأنّه إن قال كذا يلزم تحصيل الحاصل ، وكذا لا يمكن أن يقول : (أقم الصلاة) في صورة ترك الصلاة ، لأنّه يلزم اجتماع النقيضين ، وكذا لا يمكن إطلاق الحكم بالنسبة الى تقدير الفعل والترك ، حيث إنّ الإطلاق يكون في الحقيقة هو التصريح بكلا التقديرين أي الفعل والترك ، فكأنّه يكون معنى إطلاق الحكم بالنسبة الى الفعل والترك أن تفعل على تقدير وجوده وتفعل على تقدير تركه.
والحاصل أنّ الحكم في هذا القسم يكون هادما للتقدير فيكون معناه أنّه يهدم الوجود بالعدم إذا كان عدمه مشروطا ويهدم العدم إذا كان وجود التقدير مشروطا. ولا يخفى عليك أنّ الخطاب بالنسبة الى حالتي الفعل والترك يكون كالوجود العارض للماهيّة ، فكما أنّ الوجود لا يعرض الماهيّة بشرط الوجود ولا بشرط العدم