ترى أنّ الوجود محتاج الى العلّة وأمّا العدم لم يكن محتاجا الى العلّة ، فعدم الضدّ دائما يكون مستندا لعدم المقتضي ولم يكن مستندا لوجود المانع بخلاف الوجود فيكون التوقّف من جانب الوجود ولكن لم يكن التوقّف من جانب العدم.
وبهذا البيان يندفع إشكال لزوم كون الشيء في مرتبتين الذي ذكرناه سابقا ؛ لأنّ هذا المحذور يلزم إذا كان التوقّف من الجانبين ، وأمّا بناء على ما قلنا من عدم التوقّف من جانب العدم فلا يلزم المحذور المذكور. فبناء على هذا لا تكون هذه الأجوبة كافية لدفع إشكال المقدمية.
ثم إنّ للمحقّق الخراساني أعلى الله مقامه هنا عبارة يكون فهم مقصوده منها مشكلا ، أمّا عبارته فقال في طي كلماته : (والمانع الذي يكون موقوفا عليه الوجود هو ما كان ينافي ويزاحم المقتضي في تأثيره لا ما يعاند الشيء ويزاحمه في وجوده) ويكون كلامه راجعا الى أنّ المانع يكون على قسمين :
فتارة يمنع المانع عن فاعلية الفاعل ، وتارة يؤثّر في القابل ، فما كان دخيلا في فاعليّة الفاعل أي في التأثير والايجاد ويكون مقدمة وما كان له دخل في قابلية القابل أي في الوجود والأثر فلا يكون مقدمة فكلّما يكون وجود الضدّ مانعا عن تأثير ضدّه يكون تركه مقدمة لضدّه ، وأمّا فيما لم يكن كذلك ، بل يكون وجود الضدّ مانعا عن الأثر ووجود ضدّه فلم تكن هنا مقدمية ، أمّا أنّه فيما كان من قبيل المانعية في التأثير يكون مقدمة فلأنّه لم يكن المقتضيين في مرتبة واحدة ، بل يمكن أن يكون في مرتبتين مثلا إذا وقع في البحر ابنه وأخوه ويكون شفقة الشخص على ابنه من شفقته على أخيه فيكون المقتضي لانقاض ابنه أقوى من المقتضى لإنقاذ أخيه ، ولا إشكال في أنّ المقتضيين يكونا ضدّين حيث لا يمكن جمعهما ومع ذلك لم يكونا في رتبة واحدة ، فإذا يكون المقتضي لإنقاذ أخيه الذي يكون أضعف من المقتضي لإنقاذ ابنه مانع عن إيجاد ضدّه ، وهو انقاض الابن ففي كلّ مورد يكون الضدّ مانعا