وعلى ما قلنا من لزوم كون الشيء في مرتبتين لا وقع لكلام المحقّق الخونساري أعلى الله مقامه في بطلان الدور.
وهو أنّه قال بأنّ التوقّف من طرف الوجود فعليا ومن طرف العدم لا يكون فعليا فلا يلزم الدور. وقد أجابوا عنه ، لأنّه وإن بطل الدور إلّا أنّ إشكال لزوم كون الشيء في مرتبتين باق بحاله ، ولكن مع ذلك لم تكن أجوبة المحقّق الخراساني عن إشكال المقدمية بمفيد ، إذ هذه الأجوبة لا تردّ الاشكال ولم يرتفع الاستدلال لأنّه يمكن للخصم أن يقول في أيّ موضع من استدلالي تكون الخدشة ولا يكون إلّا مجادلة ، فعلى هذا يلزم ردّ الاشكال وبيان بطلان فساده.
ولا يخفى أنّه لا مجال هنا لبطلان أنّ عدم المانع من المقدمات ؛ لأنّ هذا الاستدلال يكون على القول بأنّ المانع يكون من المقدمات وليس هذا المقام مقام تحقيق أنّ عدم المانع هل يكون من المقدمات أم لا ، فعلى هذا ما أجاب بعض من أنّه لا يعقل أن يكون عدم المانع من المقدمات لاستحالة تأثير المعدوم في الموجود لم يكن موردا له.
لأنّه أولا : يمكن الجواب عنه إمّا بما قال السيد الشريف ظاهرا ، حيث إنّه قد راجعه الى الوجود وقال بأنّ وجود المانع مضرّ وإمّا أن يقال في جوابه بأنّ التأثير لم يكن من ناحية عدم المانع ، بل يكون من ناحية المقتضي ، فما هو المؤثّر هو المقتضي وعدم المانع يكون من الشرائط.
وثانيا : أنّه قلنا : إنّ هذا الاستدلال يكون على القول بأنّ عدم المانع من المقدمات ، وقد أجاب عن إشكال المقدمية بعض الأعاظم بأنّ عدم المانع لم يكن من المقدمات بأنّه لم يكن المقتضي والشرط والمانع في عرض واحد ، بل يكون بينها الترتّب ، مثلا إذا لم يكن مقتضي لوجود الشيء يكون عدم الوجود مستندا الى عدم المقتضي ، وإذا لم يكن الشرط موجودا يكون عدم الوجود مستندا الى فقد الشرط ، فما دام لم يكن لوجود الشيء مقتضي لم يكن العدم مستندا إلى وجود المانع ، بل