القطعية للوقوع في المخالفة القطعية بمقتضى الاضطرار والتكوين وبالعكس للزوم ترك المخالفة القطعية بعدم القدرة على تحصيل الموافقة القطعية فمع الدوران كذلك لاجل الاضطرار والتكوين بين رفع اليد إما عن حرمة المخالفة واما عن وجوب الموافقة ينتهى الأمر الى التخيير بينهما فلذا يقوى القول بالتخيير الاستمرارى.
ودعوى كون التخيير فيه بدويا قياسا على تعارض الخبرين الدال احدهما على الحرمة والآخر على الوجوب في غير محلها إذ قياس المقام بذلك قياس مع الفارق فان تعارض الخبرين ان كان بنحو السببية يكون التخيير على حسب القاعدة وان اخذ الخبر على نحو الطريقية فهو على خلاف القاعدة إلا ان الدليل قد دل على الأخذ باحدهما مع عدم وجود مرجح وليس المقام من هذا القبيل إذ ليس المطلوب إلا الأخذ بخصوص ما صدر واقعا وهو حاصل تكوينا. هذا كله إذا كان كل من الواجب والحرام توصليا (١) واما اذا كانا تعبديين او احدهما
__________________
ـ إذا كانا توصليين إذ لو كان كل منهما تعبديا او احدهما المعين تعبديا خرج عما نحن فيه حيث انه يمكن فيه المخالفة القطعية بان يختار احدهما بدون قصد القربة كما ان الحكم ايضا لو دار الأمر بين المحذورين راجعا الى شرطية شيء او مانعيته كما في البسملة في الصلاة لو دار امرها بين الجهر والاخفات فمقتضى القاعدة هو لزوم التكرار ان تمكن وإلا فلا بد من اختيار احدهما مع قصد التقرب وبهذا انتهى كلام الاستاذ في المطلب الثالث والحمد لله رب العالمين وقع الفراغ عن مبحث البراءة ليلة الاحد التاسع ذي القعدة سنة ١٣٤٩ ه.
(١) لا يخفى ان مسألة دوران الامر بين محذورين فيما اذا كانا توصليين على اقوال قيل بالبراءة شرعا وعقلا لعموم النقل وحكم العقل بقبح المؤاخذة