بعد عرض الواقع عليه ، على انّ دعوى كشف الإجماع عن لفظ دالّ عليه محلّ منع. وإنّما يكشف الإجماع عن رأي المعصوم ، والطريق إلى معرفته غير منحصر في اللفظ حتّى يستعلم من الإجماع على شيء صدور لفظ دالّ عليه.
ودعوى تنقيح المناط في حجّية الظنون فيقطع معه بالأولويّة ممنوعة ، إذ لم يقم عندنا دليل من عقل أو نقل على كون الاحتجاج بالوجوه الظنّية مبنيّا على إفادة المظنّة وحدها ، منوطا بها وجودا وعدما من دون مدخليّة التعبّد في ذلك ، ومع قيام الاحتمال المذكور لا تصحّ الدعوى المذكورة ، كيف؟ وقيام الدليل على عدم حجّية عدّة من الظنّيات ـ ممّا قد يكون الظنّ الحاصل منها أقوى جدّا من الظنون المعتبرة ـ أقوى شاهد على خلافه ، ولو تمّت تلك الدعوى لما كان هناك حاجة إلى ملاحظة الأولويّة.
وأمّا الرابع : فبأن الأخبار العامية ممّا لا حجّية فيها مع أنّها ليست بتلك المكانة من الظهور ، وقد تداول عند العامّة الاستناد إليها في حجّية الإجماع فيمكن أن يكون ذلك هو المقصود منها فقد فسّرت الجماعة في بعض الروايات بأهل الحقّ وإن قلّوا ، فلا يوافق المدّعى.
ويمكن أن يحمل على ذلك أيضا ما في رواية النهج ، وقد يقال : إنّ الظاهر منها الاتّفاق في ما عدا الأحكام الشرعيّة فإنّ قوله عليهالسلام : «فإنّ الشاذّ من الناس للشيطان كما أنّ الشاذّ من الغنم للذئب يفيد أنّ تفرّد الإنسان في الأمر مظنّة لاستيلاء الشيطان كما أنّ تفرّد الشاة مظنّة لاستيلاء الذئب ، إذ لو كان باطلا لكان عين استيلاء الشيطان لا أنّه مظنّة لحصوله بعد ذلك من جهة التفرّد ، وقد يكون ذلك هو المقصود من الروايات العامّية المتقدّمة. وما في المقبولة والمرفوعة مع الغضّ عن إسنادهما لا دلالة فيهما على المدّعى ، فإنّ في الاولى هو الأخذ بالخبر المجمع عليه كما هو صريح الرواية ، فلا دلالة فيها على حكم الفتوى المشهورة ولو سلّم كون المراد من المجمع عليه هو المشهور بقرينة ما بعده ، وكذا الحال في الثانية ، فإنّ الموصول في قوله «خذ بما اشتهر بين أصحابك» للعهد كما هو ظاهر العبارة ،