إِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ حَسَدَ إِبْلِيسُ آدَمَ فَأَخْرَجَهُ مِنَ الْجَنَّةِ.
٣٥٥ ـ وَأَمَّا قَوْلُكَ ظُلْماً ، فَقَدْ عَلِمَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَعَلِمَ النَّاسُ أَنَّ قُرَيْشاً تَفْتَخِرُ عَلَى الْعَرَبِ بِحَقِّ رَسُولِ اللهِ ، وَنَحْنُ أَحَقُّ بِرَسُولِ اللهِ مِنْ قُرَيْشٍ جَمِيعاً ، فَقَالَ لَهُ الثَّانِي عُمَرُ : قُمْ عَنِّي ، فَوَثَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ ، فَلَمَّا وَلَّى ، هَتَفَ بِهِ الثَّانِي عُمَرُ مِنْ خَلْفِهِ (١) إِلَى أَيْنَ يَا مَوْلَى عَلِيٍّ ، مَا كَانَ مِنْكَ لِحَقِّكَ
__________________
(١) قَالَ مُحَمَّدُ بْنْ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ الْعَامِّيُّ ج ٤ (صلىاللهعليهوسلم) ٢٢٢ : حَدَّثَنِي ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَةُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ بَيْنَمَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَبَعْضُ أَصْحَابِهِ يَتَذَاكَرُونَ الشِّعْرَ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : فُلَانٌ أَشْعَرُ ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ : بَلْ فُلَانٌ أَشْعَرُ ، قَالَ : فَأَقْبَلْتُ ، فَقَالَ عُمَرُ : قَدْ جَاءَكُمْ أَعْلَمُ النَّاسِ بِهَا ، فَقَالَ عُمَرُ : مَنْ شَاعِرُ الشُّعَرَاءِ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟ قَالَ : فَقُلْتُ : زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سَلْمَى ، فَقَالَ عُمَرُ : هَلُمَّ مِنْ شِعْرِهِ مَا نَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى مَا ذَكَرْتَ ؛ فَقُلْتُ : امْتَدَحَ قَوْماً مِنْ بَنِي عَبْدِ اللهِ بْنِ غَطَفَانَ ، فَقَالَ :
لَوْ كَانَ يَقْعُدُ فَوْقَ الشَّمْسِ مِنْ كَرَمٍ |
|
قَوْمٌ بِأَوَّلِهِمْ أَوْ مَجْدِهِمْ قَعَدُوا |
قَوْمٌ أَبُوهُمْ سِنَانٌ حِينَ تَنْسِبُهُمْ |
|
طَابُوا وَطَابَ مِنَ الْأَوْلَادِ مَا وَلَدُوا |
إِنْسٌ إِذَا أَمِنُوا ، جِنٌّ إِذَا فَزِعُوا |
|
مُرَزَّءُونَ بَهَالِيلُ إِذَا حَشَدُوا |
مُحَسَّدُونَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ نِعَمٍ |
|
لَا يَنْزِعِ اللهُ مِنْهُمْ مَا لَهُ حُسِدُوا |
فَقَالَ عُمَرُ : أَحْسَنَ ؛ وَمَا أَعْلَمُ أَحَداً أَوْلَى بِهَذَا الشِّعْرِ مِنْ هَذَا الْحَيِّ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ! لِفَضْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَرَابَتِهِمْ مِنْهُ ، فَقُلْتُ : وُفِّقْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَلَمْ تَزَلْ مُوَفَّقاً ، فَقَالَ : يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ، أَتَدْرِي مَا مَنَعَ قَوْمَكُمْ مِنْهُمْ بَعْدَ مُحَمَّدٍ؟ فَكَرِهْتُ أَنْ أُجِيبَهُ ، فَقُلْتُ : إِنْ لَمْ أَكُنْ أَدْرِى فَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يُدْرِينِي ، فَقَالَ عُمَرُ : كَرِهُوا أَنْ يَجْمَعُوا لَكُمُ النُّبُوَّةَ وَالْخِلَافَةَ ، فَتَبَجَّحُوا