نردّ هذا الأمر جدعا إذ (١) أزلتموه عن أهل بيت النّبوة فخدعوا فقيل لهم : منّا الأمراء ، ومنكم الوزراء ، فصاروا هم الأمراء ، ولم تكن الأنصار (٢) وزراء فدعاه النّظر للدّين إلى الكفّ عن الإظهار ، ورأى التّجافي عن الأمر أصلح ، وعلم أنّ ترك منازعة من لا يصلح لكلّ الأمور لا يعادل التغرير بالدّين ولا يفي بالخطاب في دروس الإسلام وما فيه فساد العاجلة والآجلة ، فآثر الخمول ظنّا (٣) بالدّين ، وآثر الآجلة على العاجلة.
ثمّ وقع أمر الردّة ، وامتنع كثير من النّاس أن يخرجوا إلى محاربتهم ، فقالوا لأبي بكر : كيف تخرج؟ وإبن عمّ رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) قاعد عنك؟! فضرع أبو بكر إلى عثمان بن عفّان ، وسأله أن يكلّم عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ويسأله البيعة فإنّه لو لا مخافة إضطراب الأمر عليه لجعلها لعليّ ، فعندها مشى عثمان إلى عليّ (عليه السلام) ، فقال : يا بن عمّ رسول الله ، إنّه لا يخرج إلى قتال هذا العدوّ أحد وأنت قاعد.
١٢٩ ـ رَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ ، قَالَ :
لَّمَا ارْتَدَّتِ الْعَرَبُ ، مَشَى عُثْمَانُ إِلَى عَلِيٍّ (عليه السلام) ، فَقَالَ : يَا ابْنَ عَمِّ [رَسُولِ اللهِ] إِنَّهُ لَا يَخْرُجُ أَحَدٌ فِي قِتَالِ هَذَا الْعَدُوِّ وَأَنْتَ لَمْ تُبَايِعْ وَقَدْ
__________________
(١) وفي «ح» : إذ قد أزلتموه.
(٢) وفي «ش» : ولم يكونوا أعني الأنصار وزراء.
(٣) وفي «ش» : ضنا.