وأخرى : لو كان الامر على ما ذكرتموه ، ما كان أبو بكر يشير إلى عمر ، وإلى أبي عبيدة بن الجرّاح ، ويقول : إنّي قد رضيت لكم أحد هذين الرّجلين (١).
وأخرى : أنّ اختيار عمر في الشّورى يبطل قولهم حيث لم يقصد الأفضل فيولّيه ، وفي قوم فاضل ومفضول ، ثمّ صار يتّمنى لها أبا عبيدة ومعاذ بن جبل ، وسالما ، فهذا [من] أوضح الأمور.
وقد ذكرنا ما رويتموه من الإختلاف في صلاة أبي بكر ، وكذا أغفلنا خَبَرَ أَبِي حَنِيفَةَ الْفَقِيهِ (٢) وَغَيْرِهِ ـ رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ
__________________
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : لَمَّا اسْتَعَزَّ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ ، فَقُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ ضَعِيفُ الصَّوْتِ كَثِيرُ الْبُكَاءِ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ ، فَقَالَ : مُرُوهُ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ! قَالَتْ : فَعُدْتُ بِمِثْلِ قَوْلِي فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ! مُرُوهُ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ! قَالَتْ عَائِشَةُ : وَاللهِ مَا أَقُولُ ذَلِكَ إِلَّا أَنِّي كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ يُصْرَفَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي ، وَقُلْتُ إِنَّ النَّاسَ لَنْ يُحِبُّوا رَجُلاً قَامَ مَقَامَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَداً ، وَإِنَّهُمْ سَيَتَشَائَمُونَ بِهِ فِي كُلِّ حَدَثٍ كَانَ ، فَكُنْتُ أُحِبُّ أَنْ يُصْرَفَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي.
(١) المسند لأحمد بن حنبل ج ١ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ٥٦ ، والإمامة والسّياسة لابن قتيبة (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ٧ ، وفي طبعة بيروت الأخيرة (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ٢٦. وسيرة ابن هشام ج ٤ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ٣١٠. وتاريخ الخلفاء للسّيوطيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ٦٣.
(٢) هُوَ : النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ التَّيْمِيُّ الْكُوفِيُّ مَوْلَى بَنِي تَيْمٍ اللهِ ، الْمُتَوَفَّى (١٥٠) رَوَى عَنْ