الوجود ، والإرادة من شروط الوجود بالاتّفاق ، سواء كانت مقدورة أو غير مقدورة ، فتكون خارجة عن محلّ النزاع. وقد يوجّه الاستدلال بنحو آخر بأن يقال : إنّه كلّما انتفى شرط من شروط الفعل فهو ممّا يمتنع حصوله في الخارج ، لكون انتفائه معلوما لله تعالى فلو حصل في الخارج لزم انقلاب علمه تعالى جهلا ، وهو محال ، فالملزوم مثله ، فإذا كانت تلك الشرائط المفقودة ممتنعة لم تكن مقدورة أوّلا ، فتعلّق القدرة غير ظاهر ، غاية الأمر أن يقضي ذلك بامتناعها ، نظرا إلى اختيار المكلّف تركها ، وهو لا ينافي المقدوريّة ، بل يؤكّدها. نعم ، لو كانت ممتنعة من دون اختيار المكلّف تمّ ما ذكر ، إلّا أنّه ليس كذلك ، ولو سلّم عدم مقدوريّتها فليس الوجوب مشروطا بالنسبة إليها ، إذ ليس جميع الشرائط مشروطا في الوجوب ، فهي خارجة عن مورد النزاع ، ومجرّد عدم مقدوريّتها نظرا إلى الوجه المذكور لا يقضي بتقييد الوجوب بها وانتفائه مع انتفائها.
قوله : (لم يعلم أحد أنّه مكلّف).
قد مرّ أنّ العلم بحصول التكليف الظاهري حاصل بالاتّفاق ، ولو مع عدم حصول الظنّ بمطابقته للواقع إذا ثبت التكليف بملاحظة الطريق المقرّر في الشريعة لإثبات التكاليف الشرعيّة ، كما في العلم بتكليف المرأة بالصوم مع شكّها في طروء الحيض في أثناء النهار ، أو ظنّها به ، فالملازمة المدّعاة ممنوعة ، وما ذكر في بيانه لا يفيد ذلك ، أقصى الأمر أن يفيد عدم علمه بكونه مكلّفا ، نظرا إلى حكمه الواقعي الأوّلي ، وأمّا تكليفه الظاهري فليس مشروطا به حسب ما قدّمنا الإشارة إليه.
قوله : (لو اجتمعت الشرائط عند دخول الوقت).
لا يخفى أنّ مجرّد اجتماع الشرائط عند دخول الوقت لو كان كافيا في حصول اليقين بالتكليف لجرى في الضيّق أيضا إذا حصل اجتماع الشرائط عند دخول وقته ، وكيف يعقل حصول اليقين حينئذ بالتكليف مع الشكّ في طروء المانع ، أو ارتفاع بعض الشرائط في الأثناء ، وكأنّه أراد بما ذكره مضيّ مقدار أداء الفعل مستجمعا للشرائط بعد دخول الوقت ، وحينئذ يحصل اليقين بالاشتغال في الموسّع.