الفرع الرابع : ما إذا ادعى ولي المجني عليه انه مات بسبب الجناية ، وادعى الجاني انه مات بسبب آخر. ومن هذا القبيل ما إذا ضرب أحد الملفوف في اللحاف بالسيف فقده نصفين ، واحتمل موته حتف أنفه قبل وصول السيف إليه. وتردد الشيخ الطوسي رحمهالله في ثبوت الدية في الفرع وعدمه ، معللا ذلك بتساوي الاحتمالين. ورجح العلّامة احتمال ثبوت الدية (١) ، لاستصحاب حياته ، أو عدم تحقق سبب آخر لموته ، بناء منه على حجية الأصل المثبت. والمحقق ذهب إلى الاحتمال الآخر ، وأنكر ثبوت الدية (٢).
ونقول : الظاهر عن عنوان القتل المترتب عليه الدية أمر وجودي مسبب عن الجناية مع كون المجني عليه حيا إلى زمان تحقق الجناية ، وليس مركبا من الأمرين ، فإثباته باستصحاب الحياة ، أو عدم تحقق سبب آخر للموت يكون من الأصل المثبت ، ولا نقول به. فالأصل عدم اشتغال ذمة الجاني بالدية. وتردد الشيخ الطوسي في الفتوى وتوقفه لا وجه له ، لأنه على القول باعتبار الأصل المثبت لا بد من الحكم بالضمان ، وعلى تقدير إنكاره لا بد من اختيار عدمه ، إلّا إذا كان التردد من جهة احتمال ان لا يكون عنوان القتل أمرا وجوديا.
والصحيح : على المختار عدم الضمان وفاقا للمحقق.
الفرع الخامس : ما إذا اختلف المالك ومن تلف المال في يده في ثبوت الضمان عليه وعدمه. والكلام فيه تارة : يقع في الضمان الواقعي ، وأخرى : في الضمان الجعلي. والأول كما إذا ادعى المالك ان يد من تلف المال عنده يد عدوان ، وادعى هو ان يده يد أماني ، فالمالك يدعي ضمانه بالبدل الواقعي من المثل أو القيمة ، وهو ينكر ذلك. والثاني كما إذا اعترفا على ان اليد لم يكن يد عدوان ، وانما اختلفا في
__________________
(١) تحرير الأحكام : ٢ ـ ٢٦١.
(٢) شرائع الإسلام : ٤ ـ ١٠١.