وعدم حكومة دليل نفي الحرج أو الضرر للحكم الاستحبابي.
الثاني : لو اعتقد المكلف فقدان الماء أو كون استعماله ضرريا ، فتيمم وصلّى ، ثم انكشف له الخلاف ، فهل يحكم بصحة ما أتى به؟ وجهان. وعلى تقدير الصحة ، فهل تجب عليه الإعادة إذا كان انكشاف الخلاف في أثناء الوقت أولا؟ نسب المحقق النائيني قدسسره الحكم بالصحّة وعدم وجوب الإعادة إلى المشهور (١) وذكر في تقريبه ، ان موضوع التيمم من لم يتمكن من استعمال الماء ، ومن اعتقد فقدانه فهو غير متمكن من استعماله ، فالموضوع محرز وجدانا. وبذلك يظهر الحال في معتقد الضرر ولو كان اعتقاده مخالفا للواقع ، فان من يعتقد عدم وجوب الوضوء غير متمكن من امتثاله خارجا.
وما ذكره قدسسره في توجيه ما نسب إلى المشهور متين جدا في معتقد عدم الماء ، فان التمكن لا يدور مدار الواقع ، بل يدور مدار الاعتقاد ، وقد مرّ ان الإنسان ربما يموت عطشا والماء في رحله ، لاعتقاده عدمه. واما معتقد الضرر فيما لم يكن ضرر في الواقع فالحكم بعدم تمكنه من استعمال الماء مبني على القول بحرمة الإضرار بالنفس مطلقا ، فان المعتقد بالمنع الشرعي عاجز عن الامتثال بحكم العقل ، إذ الممنوع شرعا كالمنع عقلا. واما بناء على ما ذكرناه من جواز الإضرار بالنفس ما لم يبلغ إلى التهلكة ونحوها فالمكلف متمكن من استعمال الماء مع العلم بالضرر ، فضلا عن الاعتقاد المجرد ، غاية الأمر أنه مع العلم به قد حكم الشارع بجواز التيمم إرفاقا وامتنانا ، فإذا انكشف عدم الضرر في الواقع ينكشف بطلان التيمم ، وعدم ترخيص الشارع فيه من أول الأمر.
نعم يمكن أن يقال : ان الأدلة الدالة على جواز التيمم بمجرد خوف الضرر
__________________
(١) منية الطالب : ٢ ـ ٢١٦.