عند تعذره.
ولكن الصحيح أن يقال : إذا ثبت من الشرع كون جزء أو شرط مقوما للمركب فلا إشكال في عدم جريان الاستصحاب عند تعذره. واما فيما لم يثبت على ذلك بيان من الشرع فالظاهر إيكال الأمر إلى العرف ، فإذا كانت نسبة المتعذر إلى غيره نسبة طفيفة كنسبة الواحد إلى العشرين مثلا كان الصدق العرفي متحققا ، فيجري الاستصحاب لإثبات وجوب غير المتعذر ، واما إذا كانت النسبة معتدا بها ، كما إذا كان المتعذر نصف الواجب أو ثلثه مثلا فلا يجري الاستصحاب لعدم الوحدة العرفية.
ثم لا يخفى ان جريان الاستصحاب في المقام يختص بما إذا كان التعذر حادثا في أثناء الوقت. وأما إذا كان مقارنا لأول الوقت فلا يقين بتحقق التكليف في زمان ، والمرجع حينئذ هو البراءة عن وجوب غير المتعذر من الاجزاء والشرائط. هذا وقد ذهب المحقق النائيني قدسسره في بحث الاستصحاب إلى جريان الاستصحاب ولو كان التعذر مقارنا لأول الوقت (١) ، بدعوى ان جريان الاستصحاب في الأحكام الكلية لا يتوقف على فعلية الموضوع خارجا ، ومن ثم يتمسك الفقيه في الحكم بحرمة وطي الحائض بعد زوال حيضها قبل الاغتسال ، وفي حكمه بنجاسة الماء القليل المتنجس المتمم كرا بماء طاهر ، باستصحاب حرمة الوطء ، ونجاسة الماء ، مع عدم تحقق شيء من الموضوعين في الخارج في زمان حكمه.
والجواب عن ذلك يتوقف على بيان أمر : وهو ان جريان الاستصحاب في الحكم الشرعي يتصور على وجوه.
الأول : ان يستصحب الحكم في مقام جعله ومرحلة تشريعه عند احتمال
__________________
(١) فوائد الأصول : ٤ ـ ٥٦٢.