متعلقه واقعا ، ولكن لا مناص لنا من الالتزام بأن تعلق القطع بشيء ملازم لثبوته في نظر القاطع ، وعلى ذلك فأخذ القطع بالحكم في موضوع نفسه وتقييده به يستلزم ثبوت الدور في اعتقاده ، لأن فعلية الحكم يدور مدار فعلية موضوعه ، وإذا فرضنا أن للقطع بالحكم دخلا في موضوع نفسه ، ففعلية الحكم حينئذ تتوقف على فعلية القطع به ، وتحقق القطع بالحكم مستلزم لتحقق الحكم أو متوقف عليه ، وهذا دور واضح ، فلا يكون مثل هذا الحكم قابلا للفعلية ، وإذا لم يكن قابلا للفعلية لا يكون قابلا للإنشاء ، وما يستحيل فعليته يستحيل إنشائه.
المقدمة الثانية : ان العلم بالحكم أو الجهل به يكون من الانقسامات اللاحقة للحكم فلا يمكن أخذه فيه ، لما تقدم هنا وفي بحث التعبدي والتوصلي ، وإذا استحال التقييد يستحيل الإطلاق أيضا ، لأن التقابل بينهما تقابل العدم والملكة ، فمهما لم يكن المحل قابلا للتقييد لا يكون هناك مجال للإطلاق ، فلا إطلاق حينئذ ولا تقييد ، وهذا كقولهم لا خلأ ولا ملأ حيث لا موضوع لهما.
ونتيجة هاتين المقدمتين هو أن الأحكام الأولية لا بد وأن تكون مهملة بالقياس إلى علم المكلف وجهله بها.
المقدمة الثالثة : أن أخذ العلم بالحكم قيدا فيه إنما يكون مستحيلا فيما إذا كان مأخوذا في نفس دليله ، وبعبارة أخرى : الاستحالة إنما تكون في فرض وحدة الجعل ، وأما اعتباره فيه بنتيجة التقييد أي بجعل ثانوي يعبر عنه بمتمم الجعل فلا مانع منه ولا استحالة فيه ، وعليه فحيث ان الإهمال الثبوتي غير معقول ، ففي أمثال المقام لا بد من ثبوت جعلين ، إذ الملاك أما أن يكون في خصوص العالم بالحكم فلا بد من تقييده به ، وأما أن يكون في الأعم فلا بد من تعميمه ، فأحد الجعلين يكون جعل أصل الحكم بنحو الإهمال من حيث علم المكلف وجهله به ، والجعل الثاني يتمم هذا الجعل ويبين اختصاصه بالعالمين أو شموله للجاهلين ، ولا يكون هذا مستلزما للدور في نظر