بخصوصه نبيا ، فان الأمر حينئذ يدور بين وجوب إنقاذه تعيينا أو التخيير بينه وبين الآخر.
ثم انه قبل بيان حكم الأقسام المذكورة ينبغي التنبيه على امرين.
أحدهما : ان محل الكلام انما هو فيما إذا لم يكن في البين أصل لفظي ، أو استصحاب موضوعي يرتفع به الشك ويتعين به كون الواجب تعيينا ، فانه مع أحد الأمرين لا تصل النوبة إلى أصالة البراءة بالضرورة.
ثانيهما : ان مورد الكلام انما هو ما إذا كان ثبوت الوجوب متيقنا في الجملة. واما إذا لم يكن كذلك ، ودار امر شيء بين أن يكون واجبا تعيينا أو تخييرا أو مباحا ، فلا ينبغي الشك في جواز الرجوع إلى البراءة عن الوجوب المحتمل.
إذا عرفت ذلك فنقول : اما القسم الأول ، فله صور ثلاث.
الصورة الأولى : ما إذا علم وجوب فعل في الجملة ، واحتمل كون فعل آخر عدلا في مقام الامتثال مع عدم إحراز كونه مسقطا له ، كما إذا علمنا بوجوب صوم يوم واحتملنا أن يكون إطعام عشرة مساكين عدلا ومسقطا.
الصورة الثانية : ان يعلم وجوب فعل في الجملة ، وعلم سقوطه عند الإتيان بفعل آخر ، ودار الأمر بين أن يكون الفعل الثاني عدلا للواجب الأول ليكون الوجوب تخييريا ، أو مسقطا له لاشتراط التكليف بعدمه ، وذلك كالقراءة الواجبة في الصلاة ، المردد وجوبها بين أن يكون تعيينيا مشروطا بعدم الائتمام ، أو تخييريا بينهما. والثمرة بين الأمرين تظهر فيما إذا عجز المكلف عن القراءة ، فانه على تقدير كون الوجوب تخييريا يتعين عليه الائتمام ، كما هو الحال في كل واجب تخييري تعذر عدله ، وعلى تقدير كون الوجوب مشروطا بعدم الائتمام فهو لا يكون واجبا حينئذ ، لعدم المقتضى له.
ثم ان هذين القسمين على طرفي النقيض ، فان وجوب ما يحتمل مسقطيته