بالشبهات الموضوعية ، فلا موجب لرفع اليد عن عمومه للشبهات الحكمية. كما ظهر مما ذكرناه عدم الحاجة إلى تقدير المؤاخذة ، ولا الأثر الظاهر ، ولا غير ذلك ، بعد تعلق الرفع بنفس الحكم ، وعليه فيعم الحديث الحكم الوضعي المجهول أيضا ، فإذا شك في جزئية شيء أو شرطيته أو مانعيته لجرى فيه حديث الرفع ، فان كلا منها حكم مجهول. هذا وسيأتي البحث عن معارضة الحديث مع اخبار الاحتياط.
بقي الكلام في فقه الحديث. والكلام فيه يقع في ضمن تنبيهات.
التنبيه الأول : انه ربما يشكل في الرواية بان الرفع ظاهر في إزالة الشيء الثابت ، بخلاف الدفع ، فانه عبارة عن سد باب المقتضى عن التأثير ، وعليه فكيف صح استعمال الرفع في المقام مع عدم ثبوت تلك الأحكام في زمان.
وأجاب المحقق النائيني قدسسره عن ذلك بان الرفع مساوق في المعنى مع الدفع دائما (١) لما بين في مبحث الضد من ان الممكن كما يحتاج إلى المؤثر في حدوثه كذلك يحتاج إليه في بقائه ، وعلة الحدوث لا تكفي في البقاء أبدا ، فالرافع دائما يزاحم المقتضى في تأثيره في الأكوان المتجددة ، وهذا هو معنى الدفع. نعم على القول بكفاية العلة المحدثة في بقاء المعلول كان الرفع مغايرا للدفع ، لكنه باطل كما عرفت في محله.
والتحقيق : ان ما أفاده وان كان صحيحا ، إلّا انه لا يستلزم اتحاد مفهوم الرفع والدفع ، لإمكان دعوى اختلافهما بوضع لفظ الرفع لخصوص المنع على تأثير المقتضى بقاء بعد فرض وجود المقتضى وحدوثه ، ووضع لفظ الدفع للمنع عن التأثير حدوثا.
فالصحيح : ان يجاب عن ذلك بأحد وجهين.
أحدهما : أن يقال : ان إطلاق الرفع في الحديث انما هو باعتبار ثبوت تلك
__________________
(١) فوائد الأصول : ٣ ـ ٣٣٧.