بحسب الغالب متعلق بصرف وجود الطبيعة المنطبق على أول الوجود ، وتطبيقه على الأفراد يكون بيد المكلف ، وقد يتفق نادرا تعلق غرضه بمطلق وجود الطبيعي إلّا انه لا بدّ من التنبيه عليه بان يقول : «اضرب زيدا مرتين أو أكثر» وإلّا فنفس الغلبة تكون قرينة لظهور الأمر في القسم الأول.
وامّا الداعي للمولى على الزجر فانما هو وجود المفسدة في الطبيعي ، وبحسب الغالب تكون المفسدة أو ما ينافر طبع المولى الموجب لنهيه متحققا في كل فرد من أفراد الطبيعة ، وربما يتفق نادرا كون المفسدة في صرف وجود الطبيعة المنطبق على أول وجودها ، كما في المثال المتقدم أعني ما إذا أراد المولى ان ينام ونهى عن الدخول عليه ، فإنّ المنافر لطبعه حينئذ أول وجود الدخول لا مطلقه ، إلّا انّ ذلك يحتاج إلى قرينة ، وإلّا فنفس الغلبة توجب ظهور النهي في القسم الأول.
وبالجملة فالفرق بين الأوامر والنواهي من حيث تحقق امتثال الأول بصرف وجود الطبيعي وعدم امتثال الثاني إلّا بترك جميع أفراده انما هو من ناحية الغرض ، وانه في الأول متعلق بصرف الوجود ، وفي الثاني بمطلقه بحسب الغالب ، وهذه الغلبة قرينة على ذلك في الموردين إلّا ان تقوم قرينة على خلافها.
وبالجملة الطبيعي في مقام تعلق الأمر به أو النهي لا بدّ وان يكون ملحوظا امّا مقيدا بالإضافة إلى كل قيد وانقسام يتصور له ، وامّا ساريا ومطلقا بالقياس إلى ذلك ونعبر عنه باللابشرط القسمي.
فإذا فرضنا انه مطلق ، فما هو السر في حصول امتثاله في باب الأوامر بإيجاد أول فرد منه ، وفي النواهي لا يتحقق الامتثال إلّا بترك جميع الأفراد؟
والوجه الصحيح لذلك هو انّ الطبيعي في الأوامر ملحوظ بنحو صرف الوجود ، وفي النواهي بنحو مطلق الوجود والقرينة على ذلك أمران.
أحدهما : ما تقدم من انّ الغرض والمصلحة بحسب الغالب مترتب على صرف