المجمل والمبين
فصل : الكلام في المجمل والمبين. ومعنى اللفظين مبين ، فانّ المبين بمعنى الظاهر ، والمجمل هو غير الواضح ، وليس للأصوليين فيهما اصطلاح خاص ، ولا يترتب على تحقيق معناهما اللغوي ثمر عملي بعد عدم ورودهما في شيء من الآيات والاخبار.
فنقول : ان كان اللفظ ظاهرا في ما قصد المتكلم تفهيمه فهو مبين ، فليس المعيار في المبين ظهوره من حيث المراد الجدي ولا المراد الاستعمالي ، بل الوسط بين الإرادتين وهو ما أراد المتكلم تفهيمه ، فان كان للفظ بما له من الخصوصيات ظاهرا في ذلك عرفا فهو مبين ، وإلّا فمجمل.
ثم انّ إجمال المجمل تارة : يكون ذاتيا كما في المشترك اللفظي بناء على عدم جواز استعماله في أكثر من معنى أو عدم وقوعه ، فانه إذا استعمل بغير قرينة معينة يكون مجملا.
وأخرى : يكون إجماله عرضيا ، كما في موارد احتفاف الكلام بما يصلح للقرينية ، نظير ما إذا قال «أكرم كل عالم إلّا فساقهم» وتردد الفاسق بين مرتكب الكبيرة فقط ومرتكب مطلق المعصية ، فانّ العالم مبين المعنى ولفظة «كل» كذلك إلّا انّ الكلام مجمل لاحتفافه بالاستثناء ، فهو مجمل بالعرض.
وثالثة : يكون الكلام مجملا حكما لا حقيقة ولا عرضا ، بل يترتب عليه نتيجة الإجمال ، وهو فيما إذا علمنا بكذب أحد الدليلين أو ورد عام وخصص بمنفصل مردد بين متباينين ، فانّ العام حينئذ لا يكون مجملا بكلا قسميه ، لأنه يكون