المستلزم لحمل المطلق على المقيد ، ومن هنا في الفقه يحمل العلماء المطلقات على المقيدات من دون ان يستشكل أحد على غيره في استكشاف وحدة الحكم وطريقه أصلا ، وليس ذلك إلّا من جهة كفاية نفس الدليلين لاستكشاف وحدة الحكم.
والحاصل : إذا ورد امر بالطبيعي على إطلاقه وامر آخر بحصة منه وثبتت وحدة الحكم يحمل المطلق على المقيد. وامّا إذا تعلق الأمر الثاني بالتقيد كما لو قال «صل» وقال «ولتكن صلاتك قائما» ، فإمكانا يمكن ان لا يحمل المطلق على المقيد ، بل يكون الأمر الثاني متعلقا بتطبيق الطبيعي المأمور به على الصنف الخاصّ مع بقاء الأمر الأول على إطلاقه ، كما لو نذر الإتيان بالفريضة في المسجد ، فانه لا يوجب زوال إطلاق الأمر بالصلاة ، بل يكون هناك تكليفان وحكمان من قبيل الواجب في واجب ، ولا يجري فيه ما تقدم في ما إذا كان الأمر الثاني متعلقا بحصة من الطبيعي ولكن يحمل فيه المطلق على المقيد لوجه آخر ، وهو ظهور الأوامر والنواهي المتعلقة بخصوصيات العبادات أو المعاملات بالمعنى الأعم في الإرشاد عرفا ، بداهة انه لو امر أحد خياطا بخياطة ثوبه ثم قال ولتكن خياطته روميا لا يستفاد منه إلّا انّ الأمر بالخياطة مقيد بذلك ، وهكذا لو قال اطبخ التمن ولا تجعل فيه ملحا لا يستفاد منه التحريم المولوي ، بل العرف يفهم انّ الطبخ مقيد بان لا يجعل فيه الملح ، وهكذا ، فظهور الأمر والنهي ينقلب في موارد تعلقهما بخصوصيات المركبات أو المقيدات إلى الإرشاد ، فالامر يكون إرشادا إلى الجزئية فيما أمكن الجزئية ، كما لو امر بالصلاة ثم قال ولتكن مع الركوع ، أو إلى الشرطية ، كما لو قال ولتكن صلاتك قائما ، والنهي يكون إرشادا إلى المانعية ، وهذا هو السر في حمل الأمر أو النهي المتعلق باجزاء المركبات على الإرشاد في الفقه ، فحمل المطلق على المقيد في الفرض انما يكون من هذه الجهة وإلّا فبحسب الإمكان لا مانع من بقاء الحكمين على مولويتهما ، ولا يلزم منه المحذور المذكور في الفرض المتقدم.