مشغولة بهما كما في موارد الدين إذا استدان أحد من غيره مرتين ، فانه تشتغل به ذمته مرتين من دون ان يكون لكل منهما تعين حتى في علم الله تعالى ، ومقتضى ذلك هو لزوم تفريغ الذّمّة عنهما بالإتيان بالطبيعي مرتين كما في الدينين ، فإذا أتى بالطبيعي أولا يسقط أحد التكليفين ، وإذا أتى به ثانيا يسقطان معا من دون ان يكون لكل منهما تعين بعنوان المرة الأولى أو الثانية أو نحو ذلك كما في الدينين.
وعلى هذا فلا مانع من اجتماع حكمين وجوبيين في طبيعة واحدة وتعلق اعتبارين بها ليكون ظهور القضيتين في ذلك معارضا لظهورهما في التعدد.
ثم ذكر الميرزا قدسسره بعد التنزل عن ذلك وفرض كون متعلق التكليف هو صرف الوجود انّ التنافي بين الظهورين انما ينشأ من إطلاق متعلق الحكمين المتوقف على عدم بيان القيد ، فلو فرضنا ظهور القضيتين في التعدد فلا محالة يكون ذلك قرينة على التقييد ، فيرتفع الإطلاق لا محالة ، فلا يثبت التداخل.
هذا كله في التداخل من حيث الأسباب.
وامّا التداخل من حيث المسببات فيما إذا تعدد الحكم ، فهل يمكن امتثالهما بالإتيان بفرد واحد ، أو يمكن سقوطهما بذلك بغير الامتثال أم لا؟
وقد عرفت انّ مقتضى الأصل العملي في ذلك : هو انه تارة : يكون متعلق كل من الحكمين عين متعلق الآخر ، وأخرى : يكون غيره ، وعلى الثاني امّا يتصادقان في فرد واحد ، وامّا لا يتصادقان. وعلى الأول امّا يكون الصدق من جانب واحد ، وامّا يكون من جانبين.
وبعبارة أخرى : تارة : يكون المتعلقان متساويين ، وأخرى : متباينين ، وثالثة : يكون بينهما العموم المطلق ، ورابعة : العموم من وجه ، فهذه شقوق أربعة.
اما الصورة الأولى ، فلا مجال فيها لتداخل الامتثالين أصلا ، نعم يمكن ان يسقط فيها أحد التكليفين بامتثال الآخر إلّا انه يحتاج إلى دليل.