لا يكون لأمر واحد مبدءان بمعنى واحد مختلفان بالحقيقة.
والأمر الثاني ، أنّه حيث رأى انتساب تلك الأفعال إلى الحياة تارة ، وإلى النفس أخرى ، ورأى أنّ كلّ ذي نفس فهو ذو حياة ، وبالعكس ، رأى من ذلك اتّحاد النفس والحياة. فهذا هو بيان تشكّك المتشكّك في ذلك.
وأمّا بيان حلّه على الإجمال ، فهو أن يقال : إنّ ما ذكرته إنّما يصحّ إذا كان معنى النفس ومعنى الحياة واحدا ، وأمّا إذا لم يكن واحدا فلا ، يعني أنّ العمدة في الحكم باتّحاد النفس والحياة هو وحدة معنييهما ، إذ مع اختلاف معنييهما ـ كما هو الحقّ عند الجمهور ـ لا يصحّ الحكم بذلك أصلا ، وهذا ظاهر.
وأمّا جعل الإضافة ونسبة الأفعال تارة إلى النّفس ، وتارة إلى الحياة ، منشأ للاتّحاد ، فلا وجه له أيضا أصلا ، لأنّه يمكن أن يكون الإضافة إلى الحياة بيانيّة ، كما يظهر من المتشكّك نفسه في التشكّك الأوّل ، وإلى النفس لاميّة ، كما ادّعاه هنا. وعلى تقدير كون الإضافة في كليهما لاميّة ، فيمكن أن يكون الإضافة إلى النفس لاميّة ، بمعنى استناد تلك الأفعال إليها وكونها مبدأ لها ، وإلى الحياة بمعنى غير ذلك من نوع ملابسة يصحّ معها الإضافة اللاميّة ، كما سنشير إليه.
وعلى تقدير أن تكون في كلّ منهما بمعنى المبدئيّة ، فحينئذ إن اريد بها المبدئيّة التامّة ، فيمكن أن تكون في إحداهما بمعنى المبدئيّة القريبة ، وفى الاخرى بمعنى المبدئيّة البعيدة. وإن اريد بها المبدئيّة الناقصة ، فيمكن أن تكونا في مرتبة واحدة.
وعلى كلّ تقدير ، فلا يمكن الاستدلال بإضافة شيء إلى شيئين على اتّحاد ذينك الشيئين ، كما يتراءى من المتشكّك. كما أنّه لا يمكن بكون النفس حاصلة لكلّ ما له الحياة حاصلة ، الحكم بكونها متّحدتين كما يتراءى ذلك منه أيضا. إذ يمكن أن يكون لشيء واحد شيئان : أحدهما غير الآخر ، بل العمدة في الحكم باتّحاد النفس والحياة ، اتّحادهما في الواقع ، وهو ممنوع هنا ، بل الواقع خلافه.
وأمّا بيان الحلّ على التفصيل ، أنّه إن اصطلح أحد ، وسمّى مسمّ مبدأ الأحوال