كما سيأتي بيانه.
وأيضا إذا كانت الصّورة في الحسّ المشترك ، كانت محسوسة بالحقيقة فيها ، حتّى إذا انطبعت فيها صورة كاذبة أيضا أحسّتها كما يعرض للممرورين ، وأمّا إذا كانت في الخيال مثلا كانت متخيّلة لا محسوسة.
ثمّ نقول في بيان كيفية تأدّي صور المحسوسات إليها من طرق الحواسّ : إنّهم ذكروا : أنّ لكلّ حاسّة من الحواسّ الخمس الظّاهرة عصبا هو بما فيه من الرّوح آلة لتلك القوّة ، ومبدأ أعصاب الحواسّ الأربع غير اللّمس هو مقدّم الدّماغ ، ومبدأ أعصاب اللّمس هو الدّماغ والنّخاع الذي مبدؤه أيضا الدّماغ ، وأكثرها نخاعيّة ، وأنّ آلة الحسّ المشترك هو الرّوح المصبوب في مبادي عصب الحسّ ، لا سيّما في مقدّم الدّماغ ، والرّوح المصبوب في مبادي البطن المقدّم هو آلة للحسّ المشترك والخيال ، إلّا أنّ ما في مقدّم ذلك البطن بالحسّ المشترك أخصّ ، وما في مؤخّره بالخيال أخصّ. فالحسّ المشترك كرأس عين ينشعب منه خمسة أنهار من خارج ، وبعض أنهار من داخل ، أو مثل حوض ينصبّ فيه خمسة أنهار من خارج وبعض أنهار من داخل ، وإنّما يتأدّى الإدراكات الحسّيّة من الحواسّ الظّاهرة بواسطة الأرواح الّتي في الأعصاب إلى التي في مبادئها المتّصلة بالرّوح المصبوب في البطن المقدّم ، وكذا يتأدّى من الخيال ـ مثلا ـ إلى الحسّ المشترك بواسطة اتّصال الرّوحين في مقدّم البطن المقدّم ومؤخّره ، وليس معنى التّأدية أنّ الكيفيّات المحسوسة تسير في الأعصاب إلى آلة الحسّ المشترك ، أو تسير من الرّوح التي هي آلة الخيال إليها كما فهمه بعض ، حتّى يرد أنّ الكيفيّات التي هي أعراض ، كيف يمكن أن تنتقل عن موضوعاتها إلى غيرها؟ بل معنى التأدية أنّها استعارة عن إدراك النّفس بواسطة الرّوح المصبوب إلى كلّ حسّ محسوسه ، وبواسطة الرّوح الذي هو مبدأ مشترك للجميع ، مثل المحسوسات الظّاهرة ، وكذا مثل بعض المحسوسات الباطنة. واتّصال الأعصاب والأرواح ليس لتمهيد طرق تسير فيها الكيفيّات ، فإنّ الكيفيّات لا تنتقل عن موضوعاتها ، وإدراك النّفس ليس بمتأخّر عن ملاقاة الحواسّ للمحسوسات بزمان يقطع