ويتوفّر على دراسة آثار الماضين. ويحتاج طالب علم التّفسير إلى بيئة تفسيريّة مناسبة ، وكما أنّ الفقيه البارز يجب أن ينشأ في بيئة فقهيّة ، فكذلك المفسّر المحقّق يجب أن يكون وليد بيئة تفسيريّة ، وبعد تهيئة الظّروف لا بدّ من خمسين سنة في الأقلّ حتّى تعدّ البيئة التّفسيريّة المناسبة.
إنّ الإلمام بالأسس العرفانيّة ، والتّمكّن من الحكمة المتعالية ، والاطّلاع على علم الكلام ، والعثور على طريق الأنس بالقرآن ، وتطهير النّفس من الرّذائل ، وتحصيل الإقبال للأنس بالقرآن ، كلّ ذلك وسيلة للعبور من ظواهر القرآن والحديث ، والعروج إلى البطون القرآنيّة وإدراك كلام الحقّ. قال الإمام جعفر الصّادق عليه وعلى آبائه السّلام : «لقد تجلّى الله لخلقه في كلامه ، ولكنّهم لا يبصرون.» (١) وما قاله خاتم الأنبياء صلىاللهعليهوآله : «إنّ للقرآن ظهرا وبطنا ولبطنه بطن إلى سبعة أبطن.» (٢) أراد به أنّ كلّ بطن يختصّ بأشخاص معيّنين ، وأنّ بطنه الثّالث هو مشاهدة الحقيقة كأنّك تراه. وأشار مولى الموالي أمير المؤمنين عليهالسلام إلى أعلى درجاته فقال : «ما كنت أعبد ربّا لم أره.» (٣) وشهود البطن السّابع للمحمّديّين خاصّة. وفي عصرنا هذا ينبغي ألّا نتطلع إلى بطون القرآن الكريم ونعرج من ظاهره إلى باطنه وننظر من عالم التّفسير إلى عالم التّأويل. والقصد هو أنّ إدراك السّور القرآنيّة وفهم الظّواهر بنحو لا يجرّد من فهم كلام الحقّ تماما يجب أن يعدّ بالغ الأهميّة.
* * *
الملّا نعيما هو نجل الشّيخ محمّد تقي الملائكة ، والشّيخ محمّد تقي ابن الشّيخ محمّد جعفر ، والشّيخ محمّد جعفر ابن الشّيخ محمّد كاظم الطّالقانيّ. وسلالة هؤلاء العلماء هي أكبر ممّا ذكر.
الملّا محمّد الملائكة المشهور بالملّا محمّد فرشته أخو الآخوند الملّا نعيما. وكانت أسرة الملّا نعيما من أعاظم رجال العلم والأدب ، وكما قيل في المشهور «كان رجال أسرته من علماء الدّين». وبين أحفاده المشهورين بلقب (نعيمائي) هذا اليوم كثير من
__________________
(١) بحار الانوار ٩٢ : ١٠٧.
(٢) تفسير الصافي ١ : ٣٨.
(٣) اصول الكافي ١ : ٩٨.