بالقرآن ، إذ كان الصحابة يكتبون ما ينزل منه على رقاع ، فلمّا عمّ القرآن وشاع حفظا وكتابة ، ولم تبق هناك خشية من اختلاطه بالحديث النبوي ، لم يبق موجب لعدم كتابة السنّة ، بل أصبحت كتابتها واجبة لأنّها الطريقة الوحيدة لصيانتها من الضياع. (١)
أقول : إنّ ما ذكره من أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم نهى عن كتابة حديثه غير صحيح من وجوه :
أوّلا : روى البخاري أنّ رجلا من أهل اليمن طلب من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يكتب له خطبته فقال : اكتب لي يا رسول الله ، فقال : اكتبوا لأبي فلان إلى أن قال : كتبت له هذه الخطبة. (٢)
أضف إلى ذلك أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر في غير واحد من الموارد بكتابة حديثه ، يجدها المتفحص في مصادرها. (٣)
ومع هذه الموارد الكثيرة التي أذن فيها النبيّ بكتابة الحديث ، والعمل به ، يثار الشك في صحة ما روي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من كتب عنّي غير القرآن فليمحه».
__________________
(١) المدخل الفقهي العام : ٢ / ٩٣٣ ، ويوجد تصحيف في الطبعة العاشرة في ترقيم الصفحات في المقام.
(٢) صحيح البخاري : ١ / ٢٩ ، باب كتابة العلم.
(٣) سنن الترمذي : ٥ / ٣٩ ، باب كتابة العلم ، الحديث ٢٦٦٦ ؛ سنن الدارمي : ١ / ١٢٥ ، باب من رخص في كتابة العلم ؛ سنن أبي داود : ٢ / ٣١٨ ، باب في كتابة العلم ، ومسند أحمد : ٢ / ٢١٥ و ٣ / ١٦٢.