على صحابي مثله ، وامتناع وجوب العمل بمذهب التابعي على تابعي مثله امتناع وجوب عمل التابعي بمذهب الصحابي مع تفاوتهما على ما قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «خير القرون القرن الذي أنا فيه». (١)
وفيه نظر ، لما تقدّم من الاشتراك في العلّة فيجب الاشتراك في المعلول ، ولأنّا نعلم أنّ في التابعين من هو أفضل من كثير من الصحابة في العلم والزهد فلا يحسن القول بوجوب تقليده.
الخامس : الصحابة اختلفوا في مسائل كثيرة وذهب كلّ واحد منهم إلى خلاف مذهب الآخر ؛ كما في مسائل الجدّ مع الإخوة ، وقوله : أنت عليّ حرام ، (٢) وغيرهما ؛ فلو كان مذهب الصّحابي حجّة على غيره من التابعين ، لكانت حجج الله تعالى مختلفة متناقضة ، ولم يكن اتّباع أحدهم أولى من الآخر.
اعترض (٣) بأنّ اختلاف مذاهب الصحابة لا يخرجها عن كونها حججا في أنفسها ، كأخبار الآحاد والنصوص الظاهرة ، ويكون العمل
__________________
(١) ورد هذا الحديث باختلاف في الألفاظ في المصادر التالية : صحيح مسلم : ٧ / ١٨٤ و ١٨٥ ، باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ؛ سنن أبي داود : ٢ / ٤٠٣ برقم ٤٦٥٧ ؛ سنن الترمذي : ٣ / ٣٤٠ برقم ٢٣٢٢ ؛ مسند أحمد : ٢ / ٢٢٨ وج ٤ / ٤٤٠. وقد ورد هذا الحديث في بعض كتب الشيعة مع الردود عليه ؛ راجع الإفصاح للمفيد : ٤٩ ، باب الروايات الدالة على تنزيه كافة الصحابة والرد عليها ؛ الصوارم المهرقة : ١٩.
(٢) صحيح البخاري : ٦ / ١٦٦ ، كتاب الطلاق ؛ سنن البيهقي : ٧ / ٣٥٠.
(٣) ذكره الآمدي في الإحكام : ٤ / ١٥٧.