السابع : قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم للجارية الخثعمية لمّا سألته : يا رسول الله انّ أبي أدركته فريضة الحج شيخا زمنا لا يستطيع أن يحج إن حججت عنه أينفعه ذلك؟ فقال لها : «أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته أكان ينفعه ذلك؟» ، قالت : نعم ، قال : «فدين الله أحق بالقضاء» (١). ألحق دين الله بدين الآدمي في وجوب القضاء ، وهو عين القياس.
وفيه نظر ، للمنع من استفادة ذلك من القياس أمّا أوّلا فلما يأتي من أنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يجوز له الاجتهاد.
وأمّا ثانيا فلاستفادة ذلك من قوله تعالى : (عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ)(٢) ، فيكون كدين الآدمي في عدم سقوطه إلّا بفعله ، ولم يذكر صلىاللهعليهوآلهوسلم الدين ليقاس عليه بل للتشبيه والتقريب ، ولأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «إنّه أحق بالقضاء» والحكم في الفرع لا يكون أولى منه في الأصل إلّا في مثل تحريم الضرب لتحريم التأفيف ، ونحن نقول به.
الثامن : روي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال لأمّ سلمة وقد سألته عن قبلة الصائم : هلّا أخبرتيه إنّي أقبّل وأنا صائم. (٣) وإنما ذكر ذلك تنبيها على قياس غيره عليه.
وفيه نظر ، لأنّا نمنع قصد القياس ، بل فعله واجب علينا لوجوب التأسّي ، ولمّا عرف صلىاللهعليهوآلهوسلم منهم الانقياد إلى متابعته ، ولهذا قلّ أن يفعلوا
__________________
(١) تفسير الرازي : ١٠ / ١٥١ ؛ المحصول : ٢ / ٢٦٢.
(٢) آل عمران : ٩٧.
(٣) إمتاع الأسماع : ٣ / ١٦٣ ؛ الإحكام : ٤ / ٣٧.